هذه آراءُ مُعْظمِ النُّحَاةِ في هذِه المَسْألَةِ، فأَكْثَرُهُم يَذْهَبُ إلى تَقْديرِ الفِعْلِ، ولمْ أَرَ أَحَداً مِنْ النُّحَاةِ يُقَدِّرُ اسْماً في هذا المَوْضِعِ سِوى أبي الحَسَنِ بنِ الباذِش الغَرْناطيّ، فقد تَفَرَّدَ في هذا الرَّأيِ، وذَهَبَ إلى أَنَّ لامَ المُسْتَغاثِ لَه مُتَعَلِّقةٌ باسْمٍ مَحْذوفٍ في مَوْضِعِ الحالِ، والتَّقْديرُ عِنْدَه: يا لَلّهِ مَدْعوّاً لِلواشي (?) .
وأَرَى أَنَّ مَا ذَهَبَ إليه ابْنُ الباذِش الغَرْناطيُّ في تَقْديرِه لا يختَلِفُ كثيراً عَنْ الجُمْلَةِ الفِعْليَّةِ التي قَدَّرَها الجُمْهورُ، فلا فَرْقَ بَيْنَ التَّقْديرَينِ مِنْ جِهَةِ المَعْنى، لكنّ تَقْديرَ الجُمْهورِ يَجْعَلُك تَتَعامَلُ مَع جُمْلَتَين، وتَقْديرُ ابنِ الباذِش تَتَعامَلُ فيه مَع جُمْلةٍ واحِدَةٍ،ولِذلِكَ أَرى أَنَّ رَأيَ ابنِ الباذِش أَقْرَبُ إلى الذِّهْنِ مِنْ رَأيِ الجُمْهورِ.
مَسألة في التنازع
مِنْ شَرْطِ التَّنَازُعِ عِندَ ابنِ مَالِك ألاّ يَكُونَ المُتَنَازَعُ فيه سَبَبِيّاً مَرْفُوعَاً، فليسَ مِنْ التَّنازُعِ قَوْلُكَ: (زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ مُسْرِعٌ أَخُوه) ، قالَ (?) : " لأنّكَ لو قَصَدْتَ فيه التَّنازُعَ أَسْنَدْتَ أَحَدَ العَامِلَيْن إلى السَّبَبَيَّ،وهو الأخُ، وأَسْنَدْتَ الآخَرَ إلى ضَمِيرِه، فيَلزَمُ عدمُ ارْتِباطِه بالمُبْتدأ؛ لأنّه لمْ يَرْفَعْ ضَمِيرَه ولا مَا التَبَسَ بِضَمِيرِه"، وهذا حَاصِلٌ أَيْضاً في قَوْلِ كُثَيّر (?) :
قَضَى كُلُّ ذِي دَيْنٍ فوَفَّى غَرِيْمَه وعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنَّىً غَرِيمُها