ثم إن أبا حيان لم يكن مصرّاً على مخالفة الزمخشري في قضية توكيد النفي بلن بل كان في البحر المحيط كثيراً ما يوافقه على ذلك قال: ((لن نفي لما دخلت عليه أداة الاستقبال، ولا نفي للمضارع الذي يراد به الاستقبال فلن أخص؛ إذ هي داخلة على ما ظهر فيه دليل الاستقبال لفظاً؛ ولذلك وقع الخلاف في لا هل تختص بنفي المستقبل أم يجوز أن تنفي بها الحال، وظاهر كلام سيبويه رحمه الله هنا أنها لا تنفي الحال 000فإذا تقرر هذا الذي ذكرناه كان الأقرب من هذه الأقوال قول الزمخشري أوّلاً من أن فيها توكيداً وتشديداً؛ لأنها تنفي ما هو مستقبل بالأداة، بخلاف لا فإنها تنفي المراد به الاستقبال مما لا أداة فيه تخلصه له؛ ولأن لا قد ينفى بها الحال قليلاً فلن أخص بالاستقبال، وأخصّ بالمضارع؛ ولأن (ولن تفعلوا (أخصر من ولا تفعلون؛ فلهذا كله ترجّح النفي بلن على النفي بلا)) (?) فهو هنا وافق الزمخشري صراحة ((فإذا تقرر هذا الذي ذكرناه كان الأقرب من هذه الأقوال قول الزمخشري أوّلاً من أن فيها توكيداً وتشديداً)) وعللّ ذلك باختصاص لن بنفي ما هو مستقبل بالأداة، وباختصاصها بالمضارع بخلاف لا التي لايختص بها المضارع، وقد ينفى بها المضارع المراد به الحال أيضاً 0

وقال أيضاً ((وكان حرف النفي لن الذي هو أبلغ في الاستقبال من لا إشعاراً بأنهم كانوا لقلتهم وضعفهم وكثرة عدوهم وشوكتهم كالآيسين من النصر)) (?) ، وقال أيضاً: في قوله تعالى: (قال إنك لن تستطيع معي صبراً ((?) : ((ونفى الخضر استطاعة الصبر معه على سبيل التأكيد)) (?)

وقال أيضاً (( (لن تتبعونا (وأتى بصيغة لن وهي للمبالغة في النفي)) (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015