2- قال الجصاص: ظاهر قول الله تعالى: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ( [النساء 29] وقول النبي ("لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" (?) . تقتضي وقوع الملك للمشتري في سائر الأوقات لوقوعه (عن تراض (فإن قيل قال الله تعالى: (وذروا البيع ( [الجمعة 9] قيل له نستعملها فنقول يقع محظوراً عليه عقد البيع في ذلك الوقت لقوله: (وذروا البيع (ويقع الملك بحكم الآية الأخرى والخبر الذي رويناه (?) .
قلت: والذي يظهر لي أن هذا الاستدلال ضعيف لما يلي:
1- أن ما ستدل به الجصاص عام يدل على حصول الملك في أي وقت إذا كانت تجارة عن تراض وآية الجمعة خاصة تحِّرم البيع بعد النداء والقاعدة أن الخاص يقدم على العام ويخصصه.
2 - أن آية الجمعة تنهى عن البيع بعد النداء والنهي يقتضي التحريم والتحريم يدل على فساد ما جاء الشرع بتحريمه إذ أنّ الشارع " دلَّ الناس بالأمر والنهي والتحليل والتحريم، وبقوله في عقود هذا لا يصلح فيقال الصلاح المضاد للفساد، فإذا قال لا يصلح علم أنه فاسد، كما قال في بيع مُدَّين بمد تمرٍ لا يصلح، والصحابة والتابعون وسائر أئمة المسلمين كانوا يحتجون على فساد العقود بمجرد النهي كما احتجوا على فساد نكاح ذوات المحارم بالنهي المذكور في القرآن وكذلك على فساد الجمع بين الأختين…" (?) .
أدلة القول الثاني:
استدلوا لقولهم بفساد البيع وفسخه إذا وقع وقت النهي يوم الجمعة بما يلي:
1- قوله تعالى: (وذروا البيع (إذ أنَّ النهي يدل على التحريم والتحريم يدل على فساد ما جاء الدليل بتحريمه (?) .