على أن السبب في الاختلاف في هذا البحث مُعَارضة القياس (280) لعموم الأثر، وذلك أن عموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاء أحدكم فليركع ركعتين)) ، (281) يُوجب أن يركع الداخل في المسجد يوم الجمعة وإن كان الإمام يخطب، والأمر بالإنصات إلى الخطيب كما عرفت (282) يوجب دليله أن لا يشتغل بشيء مما يُشغل عن الإنصات وإن كان عبادة، ويُؤيد عموم هذا الأثر ما ثبت من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب فليركع ركعتين خفيفتين". (283) وأكثر رواياته:" أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الداخل أن يركع، ولم يقل إذا جاء أحدكم" (284) فيتطرق إلى هذا الخلاف في هل تقبل زيادة الراوي الواحد إذا خالفه أصحابه عن الشيخ الأول الذي اجتمعوا في الرواية عنه أم لا؟ فإن صحت الزيادة وجب العمل بها؛ فإنها نص في موضع الخلاف. (285)
والنص لا يجب أن يعارض بالقياس، لكن يُشْبه أن يكون الذي راعاه مالك بن أنس الأصبحي (286) في هذا هو العمل. (287)
إلا أنه يؤيد هذا القول الراجح (القول الأول: يصلي) : السنة الصحيحة، والأثر المعتمد على هذه السنة، والمعقول السليم؛ فحديث جابر (حديث سُليك) : روايته الأولى صحيحة؛ ممن أخرجها: محمد بن إسماعيل البخاري، (288) ومسلم بن الحجاج القُشيري النَّيسابوري؛ (289) فهو ((متفق عليه)) ، حديث صحيح، صححه الترمذي وذكر أنه أصح شيء في هذا الباب كما عرفت، (290) وروايته الثانية صحيحة، وكذلك الثالثة؛ ممن أخرجهما: مسلم، وأيضاً روايته الرابعة صحيحة؛ ممن أخرجها: البخاري ومسلم، وصححها يحيى بن شرف النووي الشافعي، (291) وقال عنها عبد الله بن أحمد بن قُدامة الحنبلي (292) : ((متفق عليها)) ؛ فقد قال في المغني: ((متفق عليه)) . (293) وروايته السادسة صحيحة، وكذا السابعة؛ ممن أخرجهما: مسلم. فحديث جابر هذا نص، وتقدم جميع هذا كما عرفت. (294)