نصّ شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) على أنها اشتملت على ((تقرير أصول العلم وقواعد الدين)) (?) ، وبهذا تظهر المناسبة جلية بين السورة والآيتين التي ورد فيهما ذكر داود وسليمان وهما قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (?) ، وقوله تعالى: {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} (?) ففي الآية الأولى تبرئة من الله تعالى لسليمان من السحر، فإن اليهود كانوا يقولون - افتراءً - ((هذا علم سليمان، وما تم لسليمان ملكه إلا بهذا العلم)) (?) ، فمعنى الآية: واتبع اليهود ما كانت تتلوه الشياطين من كتب السحر والشعوذة على عهد ملك سليمان، وقوله جلّ وعلا: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} (?) لأن اليهود نسبته إلى السحر، ((ولكن لما كان السحر كفراً صار بمنزلة من نسبه إلى الكفر)) (?) .
وفي الآية الأخرى يمتن الله على داود بما آتاه وعلّمه، وقد استنبط الفخر الرازي (ت604 هـ) من هذه الآية أصلاً من أصول التعلم فقال: ((فإن: قيل إنه تعالى لما ذكر إنه آتاه الحكمة وكان المراد بالحكمة النبوة، فقد دخل العلم في ذلك، فلِم ذكره بعد {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} ؟.
قلنا: المقصود منه التنبيه على أن العبد قط لا ينتهي إلى حالة يستغني عن