فالذنب يحجب الواصل، ويقطع السائر وينكس الطالب، والقلب إنما يسير إلى اللَّه بقوته فإذا مرض بالذنوب ضعفت تلك القوة التي تسيره. فإن زالت بالكلية انقطع عن اللَّه انقطاعاً يبعد تداركه، فاللَّه المستعان.
فالذنب إما أن يميت القلب، أو يمرضه مرضاً مخوفاً، أو يضعف قوته ولابد، حتى ينتهي ضعفه إلى الأشياء الثمانية التي استعاذ النَّبِيّ (منها وهي: " الهم، والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال " (?) ... ) (?) .
(5) (ومن عقوباتها: ما يلقيه اللَّه سبحانه من الرعب والخوف في قلب العاصي، فلا تراه إلاَّ خائفاً مرعوبا، فإن الطاعة حصن اللَّه الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين من عقوبات الدنيا والآخرة، ومن خرج عنه أحاطت به المخاوف من كل جانب، فمن أطاع اللَّه انقلبت المخاوف في حقه أمانا، ومن عصاه انقلبت مآمنه مخاوف، فلا تجد العاصي إلاَّ وقلبه كأنه بين جناحي طائر، إن حركت الريح الباب قال: جاء الطلب، وإن سمع وقع قدم خاف أن يكون نذيراً بالعطب، يحسب كل صيحة عليه وكل مكروه قاصداً إليه، فمن خاف اللَّه آمنه من كل شيء، ومن لم يخف اللَّه أخافه من كل شيء) (?) .