وقال ابن القيم رحمه اللَّه لما ذكر حديث أبي هريرة السابق: (وهذا يعم أدواء القلب والروح والبدن وأدويتها، وقد جعل النَّبِيّ (الجهل داء، وجعل دواءه سؤال العلماء.. وقد أخبر سبحانه عن القرآن أنه شفاء فقال تعالى: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْءَانًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْءَايَاتُهُءَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَءَامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ((?) ، وقال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ((?) و " من " هنا لبيان الجنس لا للتبعيض، فإن القرآن كله شفاء كما قال في الآية المتقدمة، فهو شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب، فلم ينزل اللَّه سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أنجع في إزالة الداء من القرآن ...

ولكن ههنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أن الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقى بها، هي في نفسها، وإن كانت نافعة شافية، ولكن تستدعي قبول المحل وقوة همة الفاعل وتأثيره، فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل أو لعدم قبول المنفعل أو لمانع قوي فيه، يمنع أن ينجع فيه الدواء، كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية، فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره، فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول. فكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام، وكان للراقي نفس فعالة وهمة مؤثرة في إزالة الداء ... ) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015