وقال ابن القيم رحمه اللَّه في موضع آخر: (فالقلب لا يفلح ولا يصلح ولا يتنعم ولا يبتهج ولا يلتذ ولا يطمئن ولا يسكن، إلاَّ بعبادة ربه وحبه، والإنابة إليه، ولو حصل له جميع ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن إليها، ولم يسكن إليها، بل لا تزيده إلاَّ فاقة وقلقاً حتى يظفر بما خُلق له وهُيّيء له: من كون اللَّه وحده نهاية مراده، وغاية مطالبه.... وكلما تمكنت محبة اللَّه من القلب وقويت فيه أخرجت منه تألهُّه لما سواه وعبوديته له) (?) .

وقال ابن رجب رحمه اللَّه: (فلا صلاح للقلوب حتى تستقر فيها معرفة اللَّه وعظمته ومحبته وخشيته ومهابته ورجاؤه والتوكل عليه، وتمتلىء من ذلك، وهذا هو حقيقة التوحيد، وهو معنى " لا إله إلاَّ اللَّه "، فلا صلاح للقلوب حتى يكون إلهها الذي تألهه وتعرفه وتحبه وتخشاه هو اللَّه وحده لا شريك له، ولو كان في السماوات والأرض إله يُؤَلَّه سوى اللَّه، لفسدت بذلك السماوات والأرض، كما قال تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَاءَالِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا ((?) (?) .

7 - من أسباب حياة القلب وصحته: أن يكون القلب مدركاً للحق مريداً له، مؤثراً له على غيره:

قال ابن القيم رحمه اللَّه: (لما كان في القلب قوتان: قوة العلم والتمييز، وقوة الإرادة والحب، كان كماله وصلاحه باستعمال هاتين القوتين فيما ينفعه، ويعود عليه بصلاحه وسعادته. فكماله باستعمال قوة العلم في إدراك الحق، ومعرفته، والتمييز بينه وبين الباطل، وباستعمال قوة الإرادة والمحبة في طلب الحق ومحبته وإيثاره على الباطل. فمن لم يعرف الحق فهو ضال، ومن عرفه وآثر غيره عليه فهو مغضوب عليه، ومن عرفه واتبعه فهو مُنعَم عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015