الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ (الذي بلغ في البعد حد النهاية، حيث أعرض عن عبادة النافع الضار، الغني المغني، وأقبل على عبادة مخلوق مثله، أو دونه، ليس بيده من الأمر شيء، بل هو إلى حصول ضد مقصوده أقرب؛ ولهذا قال (يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ (؛ فإن ضرره في العقل والبدن، والدنيا والآخرة معلوم، (لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (أي لبئس هذا المعبود والقرين، الملازم على صحبته، فإن المقصود من المولى والعشير حصول النفع، ودفع الضر، فإذا لم يحصل شيء من هذا، فإنه مذموم ملوم (?) . ولهذا ينبه الله تعالى على حقارة الأصنام، وسخافة عقول عابديها بقوله تعالى:: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ((?) . يقول ابن دقيق العيد في شرح هذا الجزء من توجيه رسول الله (لابن عباس: ((أرشده إلا التوكل على مولاه، وأن لا يتخذ إلهاً سواه، ولا يتعلق بغيره، في جميع أموره، ما قل منها وما كثر، وقال الله تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه ((?) ، فبقدر ما يركن الشخص إلى غير الله تعالى، بطلبه، أو قلبه، أو بأمله، فقد أعرض عن ربه، بمن لا يضره ولا ينفعه، وكذلك الخوف من غير الله)) (?) . ومما يدل عليه قوله (: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله) أن الإيمان يشمل العقائد القلبية، والأقوال،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015