أما العيوب العلمية فكما سبق أن عرفنا، انطلق علم النفس في القرن التاسع عشر من تصور مادي للإنسان كما في التحليل النفسي، أو من تصور حيواني كما في السلوكية، ومبنى هذا التصور أو ذاك على مفاهيم الفيزياء والأحياء والفلسفة العقلية التي كانت تشكل عصب الفكر المادي في أوروبا آنذاك. وقد حصل لتلك المفاهيم التي وقفنا عليها تغير جذري في القرن العشرين، وهو تغير يفضي بنا إلى القول بأن تلك المفاهيم العلمية التي اتكأ عليها علم النفس في القرن التاسع عشر مفاهيم أثبت العلم الحديث فسادها، ومن ثم فساد كل تصور أو نظرية فلسفية تجعل منها سنداً لما تقول.

ففي الفيزياء لم تعد المادة واضحة متماسكة تشكّل حيّزاً من الفراغ، كما كان يُعتقد، لقد أصبحت عالماً من الطلاسم والألغاز، وصارت ((شبكة من الشحنات الكهربائية، وسلسلة من الأحداث المحتملة ترتفع وتنخفض حتى تتلاشى في العدم)) ( [160] ) بل إنه لا يمكن مشاهدتها ( [161] ) . تلك الذرة الصغيرة أصبحت في فيزياء القرن العشرين ((كأنها نموذج مصغر لمنظومة شمسية ... في مركزها عدد من الشحنات الكهربائية الموجبة تعرف بالبروتونات، وهذه تؤلف النواة، ويدور حول النواة على مسافات مختلفة، وفي مدارات غير منتظمة عدد من الشحنات السالبة تسمى الالكترونات. والشحنة الموجبة في كل بروتون تساوي تماماً الشحنة السالبة من كل اليكترون غير أن عدد البروتونات التي تتألف منها النواة أكبر كثيراً في العادة من عدد الالكترونات. وإنما تحصل الموازنة بين الشحنات الموجبة للبروتونات، والشحنات السالبة للالكترونات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015