وبهذا التصور أصبح الإنسان كالحيوان لا عقل له، فهو منقاد لدوافعه التي تدفعه وفق قانون لا يختلف، وكأنه ترس في آلة. وبهذا يفقد الإنسان في هذا التصور أغلى ما يملك وهو العقل، وليس غريباً أن تصل السلوكية إلى هذا التصور فهي تبني نظرتها على فكرة أصل الأنواع عند “ دارون ” الذي يجعل الإنسان حيواناً متطوراً، وعلى نظرية “ بافلوف ” في ردود أفعال الكلاب على عددٍ من المثيرات.
2 - التحليل النفسي:
التحليل النفسي هو المدرسة الأخرى في علم النفس، وقد ذهبت هذه المدرسة في تحليل الشخصية إلى أن الشعور لا أثر له في سلوك الإنسان، فاللاشعور هو الذي يحدد سلوكيات الإنسان، ويحكم حركته في الحياة ((فالشخصية الإنسانية مثل كتلة الجليد العائمة في البحار القريبة من القطب لا يعلو منها فوق سطح البحر إلا جزء ضئيل، ويبقى معظمها مغموراً بالماء، وكذلك الشعور يؤلف جزءاً ضئيلاً من العقل، أما الباقي وهو ما يُعرف باللاشعور أو العقل الباطن فهو الجزء الأعظم، وليس ذلك فحسب بل إنه الجزء المهم من العقل)) ( [87] ) .
ويعود الفضل في بروز هذه المدرسة إلى الطبيب النمساوي “ سيجموند فرويد ” عندما أصدر عدداً من الدراسات التي تبحث في اللاشعور أو ما يسمى بالعقل الباطن، ثم جاء بعده عدد من تلاميذه أبرزهم “ إدلر ” و “ يونج ”. وقد كان غرض هذه المدرسة الكشف عن طبيعة القوى اللاشعورية في النفس الإنسانية ( [88] ) .
1 - فرويد:
قدم فرويد نظرية مهمة، وذائعة الصيت في تحليل الشخصية، فقد كان طبيباً نفسياً يعالج العصابيين ( [89] ) فأراد فهم سلوكياتهم، وتوجيهها وجهة صحيحة ( [90] ) . فجعل “ اللاشعور الشخصي ” محور السلوك الإنساني وهو ((مجموعة العوامل النفسية والفسيولوجية غير المحسوسة التي توثر في السلوك البشري)) ( [91] ) ، ولا يمكن فهم اللاشعور الشخصي عند فرويد بمعزل عن حديثه عن قوى النفس الثلاث الهو، والأنا، والأنا الأعلى.