وعرقوب: هو عرقوب بن نصر، رجل من العمالقة نزل بالمدينة قبل أن ينزلها اليهود بعد عيسى بن مريم عليه السلام، وكان صاحب نخل، وإنه وعد صديقا له ثمر نخلة من نخله، فلما حملت، وصارت بلحاً أراد الرجل أن يصرمه، فقال عرقوب: دعه حتى يُشَقَّح، أي يحمر، أو يصفر، فلما شقحت أراد الرجل أن يصرمها، فقال عرقوب له: دعها حتى تصير رطباً، فلما صارت رطباً قال: دعه حتى يصير تمراً، فلماصارت تمراً انطلق إليه عرقوب فجده ليلا ً، فجاء الرجل بعد أيام فلم ير إلا عوداً قائماً، فذهب موعود عرقوب مثلا ً، وهو من أمثال العرب في خلف الوعد (132) .
وَمَا هُوَ عَنْها بالحَديثِ المُرَجَّمِ
(43) وما الحربُ إلاّ ما عَلِمْتُمْ وَذُقتُمُ
وَتضْرَ إذا أضْرَيْتُمُوها فَتَضْرَمِ
مَتَى تَبْعَثُوها تَبْعَثُوها ذمِيمةً
وَتَلْقَحْ كِشَافاً ثُمَّ تُنْتِجْ فَتُتْئمِ
فَتَعْرُكُكُمُ عَرْكَ الرَّحَى بثِفَالِها
كَأحْمَرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ
فَتِنْتِجْ لَكُمْ غِلمَانَ أشْأمَ كُلُهُمْ
قُرًى بالعراق ِمِنْ قَفِيزٍ وَدِرْهَمِ
فَتُغْلِلْ لَكُمْ ما لا تُغِلُّ لأِهْلِها
الشاهد: هذه الأبيات من الأمثال التي خرجت على جهة الإطناب والإكثار. ومن هذا النوع في قوله تعالى " وضرب الله مثلا ًقرية كانت آمنة مطمئنة ... " (133) الآية. ومنه قوله تعالى " ضرب الله مثلا ًرجلين ... " (134) الآية، وفي البيت الأول شاهد نحوي إذ أجاز الكوفيون تعليق باء الجر بضمير المصدر، كما أجازوا تعليقها بمظهره لأنه في معناه، وأنشدوا في ذلك:
وما هو عنها بالحديث المرجم
ف" عن " على ما ذكروه متعلق ب " هو " والمجرور في موضع نصب
ب "هو "، وقال صاحب الإيضاح العضدي (135) : هذا مذهب القوم، ورأيت بعض أصحابنا البصريين لا يستبعد مذهبهم؛ بل يقويه وينصره اهـ.
والأبيات لزهير بن أبي سلمى من معلقته المشهورة. (136)