و" محمد بن عدلان الحوشابي الشايقي " قرأ علم الكلام والمنطق والأصول على الفقيه " عبد الله المغربي " عالم المدينة المنورة، ثم قدم إلى " تنقاس" من دار الشايقيه، فقرأ بها القرآن، وكان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وكان عالماً مجدداً ( [77] ) .
ونلاحظ أيضاً أن بعض علماء السودان قد أشاد بهم علماء الحرمين والحجاز فمثلاً الشيخ " جنيد ولد طه " أعطاه الله قبولاً تاماً عند الملوك والسلاطين " ولا سيما أهل الحرمين والحجاز وحده ( [78] ) وعبد اللطيف بن الخطيب عمار برع فى مجال التدريس هناك، وقد مدحه أحد علماء الحجاز، وقال عنه " عالم الديار السنارية وعلامة الأقطار الإسلامية ( [79] ) .
ولم يكتف السودانيين بالدراسة والتعليم فقط فى الحجاز ( [80] ) بل جلب الكثيرون منهم معهم من هناك العديد من الكتب العربية الدينية والثقافية فيقال أن الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ صالح بان النقى ملأ من الكتب التي طلبها من الحجاز ومصر ست خزانات ( [81] ) .
ويقال أيضاً أن " عمار بن عبد الحفيظ أحضر معه نحو رحلين أو ثلاثة من الكتب ( [82] ) .
إذن ثمة عوامل أدت إلى توطيد وتوثيق أواصر الصلة بين الحجاز والسودان اعتبارا من عهد الفونج تميزت برحيل علماء من السودان للحج والمجاورة والعلم والتجارة ثم العودة لنشر الثقافة الإسلامية بين السودانيين فقد كانوا فور عودتهم يبادرون بتأسيس الخاوي والمساجد ويعلمون فيها الناس القرآن والدين بالإضافة إلى بعض الشيوخ الذين حضروا من الحجاز إلى السودان لنشر مبادئ الشريعة الإسلامية.
عندما أعلن الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوته السلفية فى نجد لم يكن يقصد أن تكون حدود دعوته شبه الجزيرة العربية فقط، بل كانت دعوته عمومية للعالم الإسلامي كله ليعود إلى منهج السلف فى الدعوة والحكم، وكانت دعوة صريحة لرفض قيام نظام حكم مخالف للحكم الإسلامي فى ديار المسلمين.