قلت: وكلامه الأخير يشعر بأنّ ما ذكره أبو عبيد في كتابه كله من القراءات المشهورة، والكتاب المشار إليه حوى قراءات الأئمة السبعة وغيرهم، وقد ذكره ابن الجزري في "النشر"، وكلامه عنه فيه نوع موافقة لرأي الحافظ ابن حجر فيه، مما يفهم من سياق كلامه، قال ابن الجزري: (فإنّ القراءات المشهورة اليوم عن السبعة والعشرة والثلاثة عشر بالنسبة إلى ما كان مشهوراً في الأعصار الأول قِل من كُثر، ونَزر من بحر، فإنّ من له اطلاع على ذلك يعرف علمه العلم اليقين، وذلك أنّ القراء الذين أخذوا عن أولئك الأئمة المتقدمين من السبعة وغيرهم كانوا أمماً لا تحصى،وطوائف لا تستقصى،والذين أخذوا عنهم أيضاً أكثر، وهلم جرا،فلما كانت المائة الثالثة واتسع الخرق وقلّ الضبط وكان علم الكتاب والسنة أوفر ما كان في ذلك العصر تصدّى بعض الأئمة لضبط ما رواه من القراءات،فكان أول إمام معتبر جمع القراءات في كتاب أبو عبيد القاسم بن سلام وجعلهم فيما أحسب خمسة وعشرين قارئاً مع هؤلاء السبعة، وتوفي سنة أربع وعشرين ومائتين) ( [263] )
7- مصطلح القراءة المشهورة عنده:
لقد استخدم الحافظ مصطلح " المشهورة، الشهيرة " مرات كثيرة ( [264] ) ، ويريد بها القراءة المقبولة غالباً، وهو يذكرها في مقابل القراءة الشاذة المردودة، يدل على هذا قوله المتقدم: (وإنما أوسعت القول في هذا لما تجدد في الأعصار المتأخرة من توهم أن القراءات المشهورة منحصرة في مثل التيسير والشاطبية) ( [265] ) أهـ. وقال في قراءتي " يتفيؤا ظلاله" بالتاء وبالياء ( [266] ) : (وتتفيأ في روايتنا بالمثناة الفوقانية أي: الظلال، وقرئ أيضاً بالتحتانية أي شئ، والقراءتان شهيرتان) ( [267] ) أهـ.
قلت: بالتاء قراءة أبي عمرو ويعقوب، وبالياء قراءة الباقين. ( [268] )