e، ويشير إلى ذلك قول كل من عمر وهشام في حديث الباب:" أقرأني النبي e) ( [236] ) أهـ. وفي جمعه بين من فسر معنى الأحرف باللغات ومن فسرها بالأوجه من المعاني المتفقة قال: (قلت: ويمكن الجمع بين القولين بأن يكون المراد بالأحرف تغاير الألفاظ مع اتفاق المعنى مع انحصار ذلك في سبع لغات) ( [237] ) أهـ.
قلت: والخلاف في معنى "الأحرف السبعة" قديم ومشهور وطويل، وللعلماء فيه أكثر من أربعين قولاً ( [238] ) ، من أشهرها القولان اللذان جمع بينهما الحافظ، وهما قول من قال: إنّ المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة بألفاظ مختلفة، وقد قال به أكثر العلماء – كما ذكره ابن عبد البر- وذهب إليه سفيان بن عيينة وابن جرير وابن وهب وغيرهم، والثاني قول من قال: إنّ المراد سبع لغات وإليه ذهب أبو عبيد وثعلب واختاره ابن عطية وصححه البيهقي، كما نقله عنهم السيوطي. ( [239] )
3- أن المجموع في المصحف إنما هو بعض الأحرف السبعة:
قال: (والحق أن الذي جمع في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع به المكتوب بأمر النبي e، وفيه بعض ما اختلف فيه الأحرف السبعة لا جميعها، كما وقع في المصحف المكي " تجري من تحتها الأنهار " في آخر براءة ( [240] ) ، وفي غيره بحذف "من " وكذا ما وقع من اختلاف مصاحف الأمصار من عدّة واوات ثابتة في بعضها دون بعض، وعدّة هاءات، وعدّة لامات ونحو ذلك، وهو محمول على أنه نزل بالأمرين معاً، وأمر النبي e بكتابته لشخصين، أو أعلم بذلك شخصاً واحداً وأمره بإثباتهما على الوجهين، وما عدا ذلك من القراءات مما لا يوافق الرسم فهو مما كانت القراءة جوزت به توسعة على الناس وتسهيلا، فلما آل الحال إلى ما وقع من اختلاف في زمن عثمان وكفّر بعضهم بعضاً اختاروا الاقتصار على اللفظ المأذون في كتابته وتركوا الباقي) ( [241] ) أهـ.