اختلف العلماء في قتل الحر بالعبد وقتل المسلم بالذميّ، فذهب جمهور العلماء إلى عدم قتل الحر بالعبد وعدم قتل المسلم بالذميّ، وذهب أبو حنيفة إلى أن المسلم يقتل بالذميّ أو المعاهد ولكل أدلته من الكتاب والسنة والقياس (63) .
وقد وقعت مناظرة بين أحد أتباع أبي حنيفة وآخر من فقهاء الشافعية في هذه المسألة ذكرها الإمام ابن العربي. ونوردها فيما يلي:
قال الإمام ابن العربي: ورد علينا بالمسجد الأقصى سنة 487هـ فقيه من عظماء أصحاب أبي حنيفة يعرف بالزوزني (64) زائراً للخليل صلوات الله عليه، فحضرنا في حرم الصخرة المقدسة طهرها الله معه (65) .
وشهد علماء البلد، فسئل على العادة - في إكرام العلماء بالسؤال - عن قتل المسلم بالكافر (66) . فقال: يقتل به قصاصاً، فطولب بالدليل، فقال: الدليل عليه قوله تعالى:) يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ( [البقرة: 178] وهذا عام في كل قتيل.
فانتدب معه للكلام فقيه الشافعية عطاء المقدسي (67) ، وقال: ما استدل به الشيخ الإمام لا حجة له فيه من ثلاثة أوجه:
(1) إن الله سبحانه قال: كتب عليكم القصاص، فشرط المساواة في المجازاة، ولا مساواة بين المسلم والكافر، فإن الكفر حطّ منزلته، ووضع مرتبته.
(2) إن الله سبحانه ربط آخر الآية بأولها وجعل بيانها عند تمامها فقال:
} كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى {، فإذا نقص العبد عن الحر بالرق وهو من آثار الكفر، فأحرى وأولى أن ينقص عنه الكافر.
(3) إن الله سبحانه وتعالى قال: {فمن عفي له من أخيه شئ فاتّباع بالمعروف ( [البقرة: 178] ولا مؤاخاة بين المسلم والكافر، فدل على عدم دخوله في هذا القول.