لقد استخدم الشابي تكرار اللازمة في شعره بشكل غير ثابت ولا مستقر شأنه في ذلك شأن حالته النفسية المضطربة فتراوحت اللازمة عنده بين تكرار العبارة وتكرار البيت الشعري، متفاوتة في عدد مرات التكرار، مع إحداث تغيير طفيف في هذه القوالب، ليجسد من خلالها آهاته وعذاباته فيرددها ويلح عليها لتجد صداها في أهل زمانه وأبناء عصره ليعملوا على التغيير في بنية المجتمع الاجتماعية والثقافية والسياسية نحو مجتمع أفضل، خصوصاً أن معظم الصور التكرارية ملازمة عنده قد وقعت في هذا الإطار.
لقد أخذ تكرار اللازمة عند الشاعر شكلين الأول: تكرار اللازمة غير الممتدة أو القصيدة فتتكون من كلمتين وتتكرر داخل القصيدة بشكل رأسي وثانيهما: اللازمة الطويلة التي تتشكل من سياقات لغوية ممتدة ذات صدى أوسع وانتشار أكثر لكثرة ألفاظها وإيقاعاتها ولكنها أيضاً – لم تأخذ شكلاً ثابتاً في عدد مرات التكرار أو عدد الكلمات فهي قلقة متغيرة.
أما النمط الأول فقد غلب عليه التشكيل الاسمي البسيط جاءت في دوائر الاستغاثة بالليل والرفقاء والحب متضجراً أو مستنجداً، مما يكشف عن حاجة الشاعر للهروب من الواقع بحثاً عن التغيير للانطلاق إلى فضاء رحب تحلم به نفسه، ويحقق فيه ذاته وتسمو روحه فوق العذاب، وإن كانت الجملة الاسمية لا تستطيع أن تستوعب هذه الأحداث فهي ذات فضاءات أقل تأثير وانتشار من الجملة الفعلية وتتميز بالسكون لكنه استطاع أن يمنح هذا النمط الأسلوبي شيئاً من الفاعلية والسلطة يقول:
يا رفيقي وأين أنت
قد أعمت جفوني عواصف الأيام (1)
فنراه يكرر اللازمة (يارفيقي) مرة أخرى بعد اثنى عشرة بيتاً يشرح فيها عذاباته وآلامه كي ينفس عما في نفسه لهذا الرفيق الذي وجد فيه المنقذ الأعظم فيقول:
يا رفيقي ما أحسب المنبع المنشود الأوراء ليل الرجام
ثم يكرر هذه اللازمة بعد بيتين مرة وبعد أربعة عشرة بيتاً مرة أخرى فيقول: