2 – فعل الأمر + فاعل محذوف + مفعول به ضمير متصل (خذني إليك) (1) الذي كررها ثلاث مرات في بداية السطر الشعري للتعبير عن عمق المأساة لفقده والده وحجم المسؤولية التي تركها له فتحمل أعباء حياتية جديدة، وبذلك فقد شكل من هذا الفعل وحدة صوتية وموسيقية ذات إيحاءات ثابتة باتجاه الموت الذي يرى فيه المخلص من هذه الحياة وآلامها وهمومها ومسؤولياتها، ليبعث من جديد فيعيش فجراً جديداً وحياة أفضل (فقد أصبحت أرقب في فضاك الجون فجري) وبذلك يتخلص من عبثية الحياة وجهل أبنائها ورجعيتهم ويعيش في عالم مثالي تسوده المحبة والإخاء وصفاء العلاقات الاجتماعية. من هنا يمكن القول أن أنماط الأفعال الثلاثة (الماضي والمضارع والأمر) جعل منها بؤرة مركزية لمبدأ الثورة والتمرد والرفض لهذا الواقع الذي يسعى للخلاص منه، فلا يعنيه الماضي المؤلم ولا الحاضر الرجعي وإنما يبحث عن زمن جديد يحقق فيه ذاته لذلك بدأت دوائر الزمن عنده من (ظمئت إلى كبليني إلى خذني) لتعلو في آخر أنفاسها وتنطلق دون قيود ولا حدود وهو بذلك يعكس ذاته التي تسعى للإنفلات والتحرر من قيود الزمن القاسية وقيود المجتمع الزائفة لإيجاد طريقة مثلى يعيش بها إنسانيته في عالم اللا نهاية فيخفف بذلك من حدة الصراع والتشاؤم الذي يعلو أفكاره أحياناً. ولهذا فقد وقعت هذه الأفعال على اختلاف أشكالها في بداية الأبيات الشعرية، لتعكس هذه الانطلاقة القوية عند الشاعر بتجاوزه حدود الزمن والانفلات من إساره.

أما تكرار الحرف وهو أقرب ما يكون بالصوت المعزول فيرى بالي أن المادة الصوتية تكمن فيها إمكانيات تعبيرية هائلة، فالأصوات وتوافقها وألعاب النغم والإيقاع والكثافة والاستمرار والتكرار والفواصل الصامتة كل هذا يتضمن بمادته طاقة تعبيرية (2) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015