وخالفهم الزِّياديُّ والمبرّدُ، فأجازا: أتذكر إذْ مَنْ يأتنا نأته، في غير الشعر؛ لأنَّ هذه الظروفَ لا تُغيِّر إعرابَ مابعدها، ولا تختص بالدخولِ على الأسماءِ (1) . وهذا ضابطُ المنع عندهما.

ولم يلق مذهبُهما قَبولاً عند جمهور النَّحويين (2) ؛ إذ أخذوا بمذهب سيبويه محتجين بما يأتي:

1 أنَّ جملةَ الشَّرطِ مبهمةٌ، وإضافةُ الظَّرف إليها يزيلها عن معناها، ويُقرِّبها من التوقيت، وهذا الاحتجاجُ لابن ولادٍ (3) .

2 أنَّ موضع المضاف إليه من مواضع البيان، وجملةُ الشرط مبهمةٌ، فلا يصح أنْ تقع ذلك الموقعَ، وهذا احتجاجُ الرُّماني (4) ، وذكر ابنُ خروف نحوَه (5) .

3 أنَّ الشرطَ له صدرُ الكلام، فلا يعلَّق بما قبلَه، وإضافةُ الظَّرف إليه تُعلِّقه بما قبلَه، وهذا احتجاج الفارسي وابن جنِّي (6) .

وهذه الحججُ غيرُ مدفوعةٍ، فإذا أُضيف إليها أنَّ العربَ لم تستعمل المجازاةَ فيما ذكر سيبويه بعد هذه الظرُّوف في الشِّعر (7) ؛ كان المنعُ أقربَ.

12- جوازُ المجازاة بعد (ما) التَّميميةِ

أطلق سيبويه وكثيرٌ من النحويين منعَ المجازاةِ بعد (ما) النافية في غير الشِّعر؛ لأنَّها تُغيِّر الكلامَ، فتصرفُه إلى الابتداءِ، وتقطعُه عما قبلَه (8) .

وفصَّلَ الزِّياديُّ والمبرّدُ، فأجازا المجازاةَ بعد (ما) التَّميميَّة؛ لأنها لا تغيِّرُ إعراباً، ويَصْلُحُ بعدها الاسُم والفعلُ.

ومنعاه بعد الحجازيةِ؛ لأنَّها تُغَيِّر إعرابَ ما بعدها (9) .

فضابطُ المنع عندهما تغييرُ الإعرابِ، وضابطُه عند سيبويه تغييرُ الإعرابِ أو صرفُ الكلام إلى الابتداء (10) .

ويعضِّدُ المنعَ فيما أرى أنَّ أحداً لم ينقل عن العربِ المجازاة بعد (ما) .

وثمة مرجِّحٌ آخر، ذكره الرُّماني، وهو أنَّ (ما) لنفي الحالِ، والشَّرطُ مستقبلٌ (11) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015