قالت سُليمى لستَ بالحادي المُدِلْ ... مالك لا تلزمُ أعضادَ الإبِلْ (1)
"فأعضاد بمنزلة (عضادة) ، وقد نصبها بتَلْزَمُ، و (شَنجٌ) في معنى ذلك" (2) .
وأما البيت الثاني (حذرٌ أموراً ... ) فمنهم من أنكر ماحُكي عن الأخفش، وكذَّب به.
وأبرزهم ابن السيرافي، وابن خروف، وابن يعيش، وابن عصفور، والصفار، وابن مالك، وابن أبي الربيع (3) .
وانفرد أبو نصر القرطبي بأن المراد بوضع البيت في الحكاية روايتُه (4) .
وأصدقُ دليل على أنَّ الرواية مختلقة الاختلافُ في واضع البيت؛ إذ قيل: الأخفش (5) ، وقيل: اللاحقي (6) ، وقيل: ابن المقفَّع (7) .
وأما بيت ساعدة بن جؤية فذهب النحاس وابن مالك وابن أبي الربيع وابن هشام إلى أنَّ سيبويه أورده شاهداً لتحويل اسم الفاعل إلى (فعيل) ، و (فَعِل) ، ولم يتعرَّض للإعمال (8) .
وذهب السيرافي والرماني وجماعة إلى أن سيبويه أورده شاهداً لتعدِّي (فعيل) (9) .
وضعَّف البغداديُّ القول الأول (10) ، ولم يظهر لي من كلام سيبويه ما يُرجِّح أحد القولين.
وذكر السِّيرافي أنَّ (مَوْهناً) في البيت نُصب نصبَ المفعول به على الاتِّساع، كما نصب (يوم) في قولهم: أتعبتَ يومَك، و (كليل) فعلُه (أكلَّ) المتعدِّي، وليس (كلَّ) اللازم (11) .
وردَّ الأعلم نصبَ (موهناً) على الظرفية؛ لأنَّه يفسد المعنى المراد؛ إذ يقتضي أن يكون البرقُ ضعيفاً في نفسه، وهذا ينقضه قوله بعد:» عَمِلٌ «، وقوله: "وبات الليلَ لم ينمٍ"، وإنما المراد وصف حمارٍ وأتنٍ نظرت إلى برق مستمطرٍ، دالٍّ على الغيث، يُكلُّ الموهنَ بروقُه (12) .
والمعنى على الإعمال أبلغُ، ولكنَّه مبنيٌّ على الاتِّساع والمجاز، وما كان هذا شأنه لا يُستدلُّ به منفرداً على حكم متنازَعٍ.