"وهو حرف الإعراب" (1) ، فمعناه عند الزِّياديّ أنَّ الألف هو الحرف الذي يعرب به، كما قالوا: ضمة الإعراب (2) .
ويُضَعِّفُ هذا التأويل أنَّ سيبوبه قال بعدُ: "ومن ثمَّ جعلوا تاء الجمع في الجر والنصب مكسورة؛ لأنَّهم جعلوا التاء التي هي حرف الإعراب كالواو والياء" (3) ، والتاء لا تكون علامة إعراب.
ومما رُدَّ به هذا المذهب أنَّ علامة الإعراب زائدةٌ له، فإذا حُذفت لم يتغيرّ معنى الكلمة، وهذه الحروف لو حُذفت لذهب معنى التثنية والجمع، وهذا الرد للفارسي (4) .
وأجيب عنه بأن الحرف قد يكون من نفس الكلمة ويكون إعراباً، فالأفعال المعتلة الآخر جزمُها بسقوط حرف العلة، فإذا جاز أن يكون الإعراب بحذف شيءٍ من الكلمة جاز أن يكون بإثباته، وليست علامة الإعراب زائدةً في كلِّ موضعٍ (5) .
كما رُدَّ بأنَّ الألفَ والواو ثبتتا قبل دخول العامل (6) .
والجواب عنه أنَّ الرفع أوَّلُ أحوال الاسم، فجاءت صورتُه الأولى على أوَّلِ أحواله (7) .
وأما المذهب الثاني فقد فسَّره المبرّدُ وابن جنِّي بأنَّك تعلم أنّ الموضع موضعُ رفعٍ إذا رأيت الألف أو الواو، وموضع خفضٍ أو نصبٍ إذا رأيت الياء (8) .
ورُدَّ بأمورٍ منها:
(أ) أنَّ الإعراب دليلٌ، فإذا احتاج إلى دليلٍ، فقد سقط المعنى المدلول عليه. ويُعزى هذا الردّ إلى الزَّجاج (9) .
(ب) أنَّ هذه الحروف لو كانت دلائل إعراب للزم ألا تختلَّ بحذفها دلالة الأسماء على ما كانت تدلُّ عليه من التثنية والجمع، وهذا الردُّ للفارسيّ (10) .
ويلزم أصحابه أن يجعلوا الضمائر دلائل إعراب، لأنَّك إذا رأيتها علمت أن الموضع موضع رفعٍ، أو نصبٍ، أو جرٍّ.
هذا وإنَّ ابن مالك فسَّر هذا المذهب تفسيراً آخر، وهو أنَّ الإعراب بحركاتٍ مقدَّرة قبل هذه الحروف التي هي دلائل عليها (11) . وعُزي هذا التفسير أيضاً إلى الزجاج (12) .
وردّه ابن مالك بأمورٍ أقواها أن الإعراب لا يكون إلا آخراً (13) .