وهو "الذي يسبق إلى الخاطر بديّاً، وذلك أنَّ هذه الحروف تختلف باختلاف العوامل في الظاهر، وما يختلف باختلاف العوامل من الأواخر هو الإعراب" (1) لكنه لم يسلم لأصحابه؛ فقد ردّه الفارسيُّ والشلوبين بأنّه يؤدي إلى بقاء الاسم المعرب على حرف واحدٍ في (فيك، وذي مالٍ) ؛ لأنَّ علامة الإعراب زائدة على الكلمة، وبقاء الاسم المعرب على حرف واحدٍ لم يرد في كلامهم (2) .

هذا وفي المسألة أقوالٌ كثيرةٌ (3) ، منها:

1 أنَّ هذه الأسماء معربة بحركات مقدَّرةٍ على الواو والألف والياء، والأصل في الرفع (أَبَوُك) ، ثم ضمت الباء إتباعاً لحركة الواو، كما قيل: امرُؤٌ، وابنُمٌ، ثم حذفت ضمة الواو للثقل، والأصل في النصب (أبَوَك) ، ثم فتحت الباء إتباعاً لحركة الواو، كما قيل: امرَأً، وابنَماً، وقلبت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، والأصل في الجر (أَبَوِك) ، ثم كسرت الباء إتباعاً، كما قيل: امرِئ وابنمٍ، ثم حذفت كسرة الواو للثقل، ثم قلبت الواو ياءً لكسرة ما قبلها.

وهذا القول عزي إلى سيبويه (4) وجمهور البصريين، (5) وأخذ به المبرد في موضع من (المقتضب) (6) ، واختاره الفارسي (7) ، والشَّلويين (8) .

ولا أرى فيه دَخَلاً سوى كثرة التغيير، وهو تغيير جارٍ على سنن كلام العرب.

أما قول ابن الحاجب: "وهو ضعيفٌ؛ لأنه خارجٌ عن قياس كلامهم لتقديرٍ لم يعهد مثله، وهو اجتماع إعرابين في كلمة" (9) ؛ فالجواب عنه: أنَّ حركة ما قبل الآخر ليست إعراباً، وإنما هي تابعةٌ لحركة الآخر، ولها نظيرٌ من كلامهم، كما تقدم.

2 ومن المذاهب أنها معربة بحركات ما قبل الآخر والحروف، فإعرابها من مكانين، وهذا قول الكسائي والفراء (10) .

وقد ردَّه الشلوبين بأنَّه لا يكون إعرابان لمعرب واحد، وأنَّه يؤدي إلى أن يكون المعرب شيئاً واحداً والإعراب شيئين في (فيك، وذي مال) ، فيكون المحمول أكثر من الحامل (11) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015