والشهور كلها مذكرة إلا الجماديين، فإذا كان أول ليلة من الشهر كتبوا: كُتب ليلة الجمعة مثلاً غرة شهر كذا، أو أول ليلة كذا، ومستهل شهر كذا ومهلّه؛ لأنهم يقولون: أهللنا هلال كذا، واستهللناه، ولا يقولون: أهل الهلال، ولا استهل الهلال، ولكن يقولون: أُهِلَّ، واستُهِلّ، فإذا أصبحوا كتبوا: كُتب يوم الجمة أول ليلة خلت، وكُتب يوم الجمعة أول يوم من كذا، ولا يكتبون: مهلاً، ولا مستهلاً، فإذا مضت ليلة أخرى كتبوا: لليلتين خلتا، فإذا توالت الليالي كُتب: لثلاث خلون، فإذا صرت إلى النصف، فبعضهم يكتب: لخمس عشرة ليلة خلت أو مضت، وأكثرهم يكتب: النصف من كذا، وهو أجود وأكثر، فإذا تجاوزت كتبوا: لأربع عشرة بقيت، وثلاث عشرة بقيت، وعشر بقين، ويجوز في القياس: لعشرين مضت، أو خلت، ولكنهم يعتمدون على الأقل، ويكتبون: في الليلة الأخيرة ليلة الجمة آخر ليلة من كذا، وسلخ كذا، وانسلاخه، ولا يكتبون: لليلة بقيت وهم فيها، كما لم يكتبوا: لليلة خلت أو مضت وهم فيها. انتهى « (1) .
وفي هذه النصوص دلالة على سعة علم الزيادي باللغة، ومعرفته بالأخبار. وفيها بعض ملامح منهجه في هذا الكتاب، ومنها: العناية بالسَّندِ، والاستدلال، والاستطرادُ.
جهوده في الرِّواية واللُّغة:
اقتفى الزياديّ أثر شيخه الأصمعي في العناية باللغة، والأخبار، ورواية الشِّعر وتفسيره، كما شارك في رواية الحديث. وتفصيل ذلك فيما يأتي:
أولاً: رواية الحديث:
لم يُذكر الزياديُّ في كتب رجال الحديث، ولكن القاليّ حدَّث في أماليه، فقال: "حدَّثنا أبو بكر بن الأنباري رحمه الله قال: حدثني أبي عن أحمد بن عبيد عن الزيادي عن المطلب بن المطلب بن أبي وداعة عن جده قال: رأيت رسول الله (وأبا بكر رضي الله تعالى عنه عند باب بني شيبة، فمرّ رجلٌ وهو يقول:
يا أيُّها الرجلُ المحوِّلُ رَحْلَه
ألاّ نَزَلْتَ بآل عبد الدارِ
هَبِلَتْكَ أُمُّك، لو نزلتَ برحلهم
مَنَعوك من عدمٍ ومن إقتار