الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، أما بعد:

فإنَّ الدرس النَّحويّ في القرن الثاني والثالث قد استوى على سوقه أو كاد؛ على يد علماء فحول، طوت السِّنون أكثر مصنَّفاتهم، فلم يبق من نتاج معظمهم غيرُ آراءٍ منثورة في كتب خلفهم.

ومن الحسنِ لا ريبَ جمعُ تلك الآراء ودراستُها؛ ليعرف أثرُهم، ولتوضعَ حَلْقةٌ في سلسلةِ تاريخ الدرس النَّحوي.

من أجل ذلك رأيت أن أتوفَّرَ على آراء عالمٍ من تلك الحلْبة، وهو أبو إسحاق الزِّياديُّ، فطفقتُ أجمعُ أقواله، ثم سِرتُ في بحثي على النحو الآتي:

الفصل الأول: حياته وآثاره.

الفصل الثاني: أراؤه النَّحوية» مرتبة ترتيب ألفية ابن مالك «.

الفصل الثالث: آراؤه التصريفية» مرتبةً ترتيب شافية ابن الحاجب «.

الفصل الرابع: ملامح مذهبه النحوي.

هذا وأسأل الله عزَّ وجلَّ التوفيق والسَّداد.

الفصل الأول: حياته وآثاره نسبه وحياته:

ورد نسبه في أكثر المصادر على النحو الآتي:

إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن زياد بن أبيه (1) .

من ولد زياد بن أبيه، لذلك قيل له: الزِّيادي (2) .

ولا أعلم خلافاً في نسبه سوى ما ذكره القفطي، حيث قال: "ورأيت في بعض كتب المغاربة (سفيان) وقد سماه (شُقيراً) ، وهو تصحيفٌ، وإنما هو سفيان الزِّياديّ" (3) .

كما نَقل عن المبرد أنّ اسم جدِّه (سلم) (4) ، ولعله تحريف (سليمان) ، إذ ذكر المبرد في (الكامل) أنَّ اسمه (سليمان) (5) .

وكنيته أبوإسحاق (6) ، ولقبه طارقٌ، لقَّبه به أبوزيد الأنصاري؛ لأنه كان يأتيه بليل (7) .

ولم تذكر المصادر شيئا عن أسرته غير أنَّه كان مئناثآً، ثم وُلد له بضعة عشر ذكراً (8) .

ولم تذكر عن خُلُقه غير أنَّه كان ذا دُعابة ومزاح (9) .

أما وفاته فكانت سنة تسعٍ وأربعين ومائتين (10) .

شيوخه:

الزياديُّ بصريٌّ، تلمذ على أبرز شيوخ البصرة في النَّحو واللغة، منهم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015