فأبو علي اتخذ طريقة التدرج في التغيير منهجًا لترتيب أبوابه الصرفية، ويكفي أن نذكر كلامه الذي يدل على ذلك؛ إذ يقول بعد أن قسّم النحو قسمين، فالأول هو الإعراب، وخصّص له كتابه» الإيضاح «، أما الضرب الآخر فهو:» تغيير يلحق أواخر الكلم، من غير أن يختلف العامل، وهذا التغيير يكون بتحريك ساكن، أو إسكان متحرك، أو إبدال حرف من حرف، أو زيادة حرف، أو نقصان حرف.... والضرب الآخر من القسم الأول وهو التغيير الذي يلحق أنفس الكلم وذواتها، فذلك نحو التثنية والجمع الذي على حدها، والنسب، وإضافة الاسم المعتل إلى ياء المتكلم، وتخفيف الهمزة، والمقصور والممدود، والعدد، والتأنيث والتذكير، وجمع التكسير، والتصغير، والإمالة، والمصادر، وما اشتق منها من أسماء الفاعلين والمفعولين وغيرها، والتصريف، والإدغام، وسنذكر ذلك بابًا بابًا إن شاء الله « (1) .
ولم يكن ترتيبه لأبواب الكتاب على هذا النسق الذي ذكره، وإنما راعى بعضه، ولم يلتزم أكثره، وذلك أنه ذكر تخفيف الهمزة في الضرب الثاني، ومع هذا ذكره بعد الوقف الذي هو من الضرب الأول، كما أنه ذكر المصادر والمشتقات وأبنية الأفعال قبل الإمالة وهذا يخالف نصّه السابق.
وقد راعى في ترتيب القسم الأول التحريك والتسكين؛ فبدأ بتحريك الساكن وهو التقاء الساكنين، فالابتداء، ثم بتسكين المتحرك وهو الوقف.
أما القسم الثاني فبدأ بالتغييرات التي تشترك بين الأسماء والأفعال، ثم التي تخص الأسماء، ثم تلك التي تخص الأفعال وأخيرًا التصريف.