والذي يلاحظ هنا أن التغيير هنا انتقل إلى الأواخر بعد ذكر التصغير وهو تغيير في حشو الكلمة، ولعلّه نظر إلى أن التغييرات في الأسماء قد انتهت فبدأ بالأفعال.

وذكر بعد ذلك المقصور والممدود (1) ، والهمز (2) ، والعدد (3) ، وهذه المباحث لها علاقة بالتغيير إلاّ أَنّه يسير، والمقصور والممدود مختصان بالأسماء، والهمز مشترك بين الأسماء والأفعال، والعدد علاقته بالأسماء، ولهذا فلم أهتد إلى الوجه الذي دعاه إلى أن يذكر هذه الأبواب هنا، وبخاصة إذا علمنا أنه ذكر بعد هذه الأبواب جمع التكسير، وهو تغيير بزيادة حرف أو نقصان آخر، أو تغيير حركة، وعلاقته مع العدد قوية، وإن كانت هذه العلاقة تتضح لو تقدم جمع التكسير على العدد؛ ليكون تمهيدًا ومبيّنًا لتمييز العدد.

وجاء حديثه بعد ذلك عن المصادر (4) بأنواعها، وبعض المشتقات، ولم يغفل في هذا الجانب أن يذكر الأفعال المجردة والمزيدة هنا ليبيّن مصادرها، وقد حاول أن يلتمس لهذه الأبنية قواعد وقياسات؛ وحفل هذا القسم بمساحة كبيرة من الكتاب.

ثم بدأ بعد ذلك في بيان الظواهر التي تعرض للأسماء والأفعال والحروف، وهي: الإمالة (5) ، والابتداء (6) ، والتقاء الساكنين (7) ، والوقف (8) ، وهذه المباحث جاءت متتالية، مما يعني الترابط القويّ فيما بينها.

وعقد بعد ذلك بابًا في علم حروف الزوائد (9) ، وبابًا في حروف البدل (10) ، ليجعلهما مقدمة للتصريف (11) الذي جاء بعد هذه المباحث كلها، وختم به كتابه.

وبعد، فإنه يمكن بالنظر إلى ترتيب كتاب سيبويه للمباحث الصرفية أن نستخلص بعض الأصول التي اعتمد عليها في منهجه:

أولاً: اعتمد أولاً على أصل التغيير، فحاول أن يجمع المباحث التي تحمل هذا الأصل مع بعضها، مع أنه تخلّل هذه الأبواب والمباحث بعض القضايا النحوية واللغوية، وإن كان بعض المباحث التي تحمل تغييرا تقديريًا لم يذكرها هنا؛ لأن المباحث التي ذكرها هنا تحمل تغييرًا حقيقيًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015