ولعلّنا نجد تفسيراً لهذا الجمع في ما ذكره أبو عليّ الفارسيّ في التكملة من أن النحو» علم بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب (1) «. ولا شكّ أن الكلام له أجزاء، منها ما يتعلق بذات الكلمة إفرادًا، ومنها ما يتعلق بارتباطها مع غيرها، فالأول صرف، والثاني نحوٌ أو إعراب، ولأجل هذا الترابط تم الجمع بين مباحث النحو ومباحث الصرف؛ لأنهما مكمّلان لصحة النطق بالكلمة على الوجه السليم الذي ورد عن العرب؛ ومن المعلوم أيضًا أنه لا يغني صحة جزء الكلمة، والخطأ في جزء آخر، وإنما الصواب تكامليّ.

ولا يخفى أن كثيرًا من المؤلفات كانت تستهدف التعليم، ولهذا تنوعت في أساليبها وطرق عرض مادتها، مع أن المادة في كثير منها واحدة.

ولا نبالغ إذا قلنا إن ما في كتاب سيبويه سواءً أكان ذلك في المباحث النحوية أم الصرفية لم يختلف أو يتغير عند النحاة المتأخرين، وكان جلّ شغلهم شرح ما في الكتاب، أو بيان غوامضه، أو عرض مادته بطريقة جديدة، وإن جاء أحدٌ بجديد فهو قليلٌ، إلاّ إن كان اعتراضًا أو استدراكًا.

وممّن جمع بين النحو والصرف: سيبويه في الكتاب، والمبرد في المقتضب، وابن السرّاج في الأصول، والصيمري في التبصرة، والزمخشري في المفصل، والعكبري في اللباب، وابن معطٍ في ألفيته، وابن مالك في ألفيته، وفي الكافية الشافية، وفي التسهيل، وأبو حيان في ارتشاف الضرب، والسيوطي في همع الهوامع، وغيرهم كثير، وبخاصة ممن اعتمد على الألفيات والمتون فشرحها.

غير أن هؤلاء يختلفون في طرق عرض موادهم العلمية على النحو التالي:

أولاً: عرض أبواب الصرف ومباحثه متفرقة ومتداخلة:

درجت بعض كتب النحو والصرف على عرض أبواب الصرف متفرقة بين أبواب النحو، وإذا ما بحثنا عن الرابط بين الأبواب والمباحث، وجدنا أن ذلك يختلف من كتاب لآخر، وممّن سار على هذا النهج: سيبويه، والمبرد، والزمخشري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015