قال السفاريني رحمه الله تعالى: "فإن المعطلين لم يفهموا من أسماء الله تعالى وصفاته إلا ما هو اللائق بالمخلوق، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات فجمعوا بين التمثيل والتعطيل، فمثلوا أولاً وعطلوا آخراً فهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته تعالى بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم، فعطلوا ما يستحقه سبحانه وتعالى من الأسماء والصفات اللائقة به عز وجل، بخلاف سلف الأمة، وأجلاَّء الأئمة، فإنهم يصفون الله سبحانه وتعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به نبييه (من غير تحريف ولا تشبيه) تعالى لله عن ذلك، فإنه تعالى قال في محكم كتابه: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ((1) ، فرد على المشبهة بنفي المثلية ورد على المعطلة بقوله: (وهو السميع البصير (" (2) .
إن المؤولين قد قاسوا الغيب على الشهادة بعد أن جعلوا عالم الشهادة هو الأصل في كل التصورات والمعاني، فلما نظروا في النصوص الشرعية بهذه النظرة توهموا أن كل عبارة وردت في الكتاب والسنة في حق من ليس كمثله شيء من الصفات يوهم ظاهر معناها تشبيه الله تعالى بخلقه لأن الأصل عندهم دلالتها على صفات الخلق لا على صفات الخالق، فانطلقوا من قاعدة التشبيه إلى قاعدة التأويل والتعطيل، لأنهم لم يؤولوا حتى شبهوا، ثم فروا من تلك الأوهام التي تخيلوها، إلى الأوحال التي غاصوا فيها.