إن صفات ربنا تبارك وتعالى من غيب الغيوب، وهي قسمان: صفات ذات، وهي التي يوصف الله تعالى بها على الدوام والاستمرار، ولا يجوز أن يوصف بضدها، كاليد، والوجه، والعين، والإصبع، والقدم، والساق، وصفات فعل، وهي التي تتعلق بإرادته تبارك وتعالى، يفعلها متى شاء وكيف شاء، وقد يفعلها ويفعل ضدها، ولا يطرد هذا في جميع الصفات الفعلية، وأمثلة الصفات الفعلية الخلق، والرَزق، والإحياء، والإماتة، والاستواء، والمجيء، والإتيان، والنزول، والرضا، والغضب، والكلام، فكل هذه الصفات ثابتة لربنا تبارك وتعالى، وهي صفات فعله الاختيارية يفعلها متى شاء، وكيف شاء على ما يليق بجلاله وعظمته.
إن مؤولي صفات الله تعالى ذهبوا بعقولهم القاصرة، وأفكارهم الحائرة إلى القول بأن كثيراً مما ورد في الكتاب والسنة من صفات الله تعالى الذاتية أو الفعلية تدل معانيها الظاهرة منها عند إطلاقها على ما لا يليق به تعالى، فمن أجل ذلك قالوا إن الواجب على المسلم إزاءها أحد أمرين:
الأمر الأول:
التأويل، وهو صرف المعنى الظاهر إلى معنى آخر لا يتحمله اللفظ ولا يدل عليه دليل لغة وشرعاً.
الأمر الثاني:
التفويض: أي إثبات لفظ مجرد عن المعنى وتفويض العلم بمعناه إلى الله تعالى، والتأويل هو القول المقدم عندهم، وفي هذا يقول صاحب جوهرة التوحيد:
وكل نص أوهم التشبيها
أوله أو فوض ورم تنزيها
هذا ما ذهب إليه الأشاعرة، فواكبهم الماتريدية في ذلك، قال السفاريني رحمه الله تعالى في الدرة المضيئة:
فكل من أول في الصفات
كذاته من غير ما إثبات
فقد تعدى واستطال واجترى
وخاض في بحر الضلال وافترى (1)
أ/ تأويلهم لصفات الذات:
أولاً: تأويلهم لصفة الوجه: