ولا يتأتى ذلك على الوجه الصحيح إلا لمن وجد حلاوة الإيمان، وصدق في اعتقاده وقوله وعمله. وكلما تعمق المؤمن في الإيمان الصحيح، ظهرت على جوارحه الأعمال المصدقة لإيمانه، المترجمة لما في قلبه من الصدق والإخلاص حيث تصدر منه الأعمال بسهولةٍ ويسر وسلاسة بلا تكلفٍ أو تنطع. أو تكاسل أو رياء. كل هذا من آثار الإيمان بالغيب وثماره على الأفراد الذين يكونون لبنات صالحة لبناء صرح المجتمع المسلم المتضامن المتعاون المتآخي الذي يخلو من الأحقاد والضغائن والتباغض والتدابر والتنافر والتقاطع، مجتمع الإيمان والأمن والأمان. والله تعالى أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقنا الإيمان الصادق الصحيح الذي تظهر آثاره، وتينع ثماره، إنه سميعٌ مجيب.

المبحث الثالث: العالم وأقسامه

العالم هو كل ما سوى الله عز وجل، سمي كذلك لأنه علم على وحدانية الله في ربوبيته وألوهيته وصفاته ويجمع العالم على: عالمون ويعامل معاملة جمع المذكر السالم في إعرابه. ولهذا تضاف كلمة: رب وإله إذ يقال لله تبارك وتعالى: رب العالمين، وإله العالمين.

فمن ذلك قول الله عز وجل في فاتحة الكتاب: (الحمد لله رب العالمين (وقد وردت هذه الكلمة في مواضع كثيرة من القرآن الكريم في نحو أربعين موضعاً.

وهذا يدل على أن العالم علويه وسفليه مخلوق لله تعالى، وأنه تعالى خالقهم وربهم ومليكهم ومدبر أمورهم، ومصلح شؤونهم وأن العالم تحت سلطانه وقهره وملكوته وجبروته وكل ما سواه يدل على ذلك بحاله ومقاله وخصاله وفعاله.

والعالم ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول / عالم الغيب:

وهو كل ما خلقه الله تعالى ولم يظهر عليه أحداً من خلقه إلا من أذن له من رسله. ولا تتعلق غيبته بأمر خارج منه، وإنما الغيبية صفةٌ ملازمةٌ له.

القسم الثاني / عالم الشهادة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015