إن أكمل المؤمنين إيماناً، أكثرهم تحابباً في الله تعالى، وتعاضداً، وتعاوناً وتناصحاً وتواسياً. وكلما ضعف الإيمان ضعفت هذه العلائق، بين المسلمين. ولهذا قال الناصح الأمين (: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (1) . إنه مبدأ عظيم من مبادئ الإسلام الذي لو قام به كل مسلم ومسلمة لما وجدت المحاكم خصومات تقضي فيها بين المسلمين، فالذي يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه، لا يظلمه، ولا يحقره ولا يؤذيه، ولا يشهد عليه زوراً، ولا يخونه في عرضه وماله ولا يصل إليه منه ما يكدر صفو حياته من قولٍ أو فعل. فمتى قام كل فرد من أفراد المسلمين من ذكورٍ وإناثٍ بالعمل بهذا المبدأ العظيم؛ أصبح المجتمع المسلم مجتمعاً طاهراً، من مظالم الحقد والأضغان والخصومات، تتجلى فيه الخيرية التي ذكرها الله تعالى في وصف هذه الأمة في قوله: (كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ((2) . والذين تحابوا في الله تعالى يظلهم الله في ظل عرشه يوم الدين، يقول رسول الله (: " يقول الله عز وجل: المتحابون بجلالي في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي" (3) . وروى عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله (قال سمعت رسول الله (يقول عن ربه تبارك وتعالى: " حقت محبتي على المتحابين فيَّ، وحقت محبتي على المتناصحين فيَّ، وحقت محبتي على المتزاورين فيَّ وحقت محبتي على المتباذلين فيّ وهم على منابر من نور، يغبطهم النبيون والصديقون بمكانهم " (4) .
وصاحب الإيمان الصادق يؤدي الأمانة إلى من ائتمنه، ولا يخون من خانه، لقوله (: " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك " (5) .
ولأن الله عز وجل يقول: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ((6) ولقد عد النبي (تضييع الأمانة من أشراط الساعة حينما سأله رجلٌ عن الساعة: قال له: " فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة " (7) .