فقلت: والله ما سمعت أنت هذه الأحاديث من ابن المبارك من ابن عون فغضب هو وكل من كان عنده وقام فدخل البيت فأخرج صحائف فجعل يقول: نعم يا أبا زكريا غلطت، وكانت هذه صحائف يعني مجموعة فغلطت فجعلت أكتب من حديث ابن المبارك عن ابن عون وإنما رواها لي عن ابن عون غير ابن المبارك، قال: فرجع عنها" (1) .
قال البخاري (ت256هـ) رحمه الله: خرجت من الكتاب ولي عشر سنين فجعلت اختلف إلى الداخلي يعني فقال يوماً وهو يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم فقلت له: يا أبا فلان إن أبا الزبير لم يروه عن إبراهيم فانتهرني فقلت له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك.
فدخل ونظر فيه ثم خرج فقال لي: كيف قلت يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي عن إبراهيم فقال: صدقت وأخذ القلم مني فاحكم كتابه. وكان للبخاري يومئذ إحدى عشرة سنة" (2) .
المقصد الخامس: أمثلة للحديث المقلوب متناً
سبق عند تعداد فوائد معرفة الحديث المقلوب أمثلة للقلب في الأسماء، وسيأتي أثناء ذكر الأئمة الذين استعملوا الوصف بالقلب في عباراتهم ذكر جملة من الأحاديث التي انقلبت أسانيدها، وقد أفردت دراسة خاصة مستقلة في الأحاديث التي وقع القلب في متونها، أكتفي هنا منها بإيراد هذه الأمثلة، سائلاً الله تعالى التوفيق والهدى والرشاد والسداد!
الحديث الأول
قال مسلم رحمه الله: "حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي خُبَيْبُ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: