وقال - عزّوجل -: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} (1) .

ولو تأملت الآيات الثلاث لرأيتها نفس الرضا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً.

فحقيقة الرضا بالله رباً ... أن يترك ويسخط عبادة ما دون الله من الآلهة الباطلة، ويعبد الله وحده حباً، وخوفاً، ورجاء، وتعظيماً، وإجلالاً.

فجميع أقوال اللسان وأعماله، وأقوال القلب وأعماله، تنبني على توحيد الله - عزّوجل - وعبادته، وسخط عبادة ما سواه.

فهو المحبوب وأمره المحبوب، وبهذا يجد العبد حلاوة الإيمان، كما قال رسول الله - (-: {ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مِمَّا سواهما، وأن يحب المرء لايحبه إلاَّ لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار} (2) .

لكن كثير من الناس يرضي بالله رباً، ولايبغي رباً سواه، لكنه لايرضى به وحده ولياً وناصراً، بل يوالي من دونه أولياء طناً منه أنهم يقربونه إلى الله، وأن موالاتهم كموالاة خواص الملك، وهذا عين الشرك، بل التوحيد: أن لايتخذ من دونه أولياء، والقرآن مملوء من وصف المشركين بأنهم اتخذوا من دونه أولياء.

وهذا غير موالاة أنبيائه ورسله، وعباده المؤمنين فيه، فإن هذا من تمام الإيمان ومن تمام موالاته.

فموالاة أوليائه لون واتخاذ الولي من دونه لون، ومن لم يفهم الفرقان بينهما فليطلب التوحيد من أساسه؛ لأن هذه المسألة أصل التوحيد وأساسه.

وكثير من الناس يبتغي غيره حكماً، يتحاكم إليه، ويخاصم إليه، ويرضى بحكمه.

وفي المنهيات وتركها الخير كل الخير للمؤمن، فإذا نهى عن شيء، ولو رأى أنه بحاجته، أو يحبه، أو غير ذلك، فإنه إن تركه تنفيذاً لنهى الله عنه، أو نهي رسوله، عوضه الله خيراً، كما في الحديث: {إنك لن تدع شيئاً اتقاء لله إلاَّ أعطاك الله خيراً منه} (3) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015