وغيرهما من الآيات الكثيرة، التي تدل على أن فعل الأسباب من الإيمان، والعمل الصالح، بكل أنواعه، وأشكاله، وكيفياته، ومنه الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والحب في الله، والبغض فيه وله، والجهاد في سبيل الله، وابتغاء الرزق الحلال من غير جشع، أو طمع، يوقع فيما يغضب الله، أو يخالف أمره، وشرعه، والإنفاق في وجوه الخير، وغير ذلك من العبادات: الواجبات والمسنونات والمستحبات.
وكما قيل: {من أراد أن يبلغ محل الرضا فليلزم ما جعل الله رضاه فيه} (1) .
ومن قال، أو ظن، أو فهم، أن الرضا ترك التدبير، أو ترك الأسباب، فقد طعن في الشريعة التي جاء بها محمد - (-، وأن الله - عزّوجل - يقول: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا} (2) والغنيمة: اكتساب.
وقال تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاق وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (3) فهذا عمل.
وكان أصحاب رسول الله - (- أحرص ما يكون على العمل، ولما قال النبي - (-: {ما منكم من أحد، وما من نفس منفوسة: إلاَّ كتب مكانها من الجَنَّة والنار، وإلاَّ كتبت شقية، أو سعيدة، قال رجل: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا، وندع العمل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، وقرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (4) } (5) .