5 - ومنها: ما ورد في قصة إسماعيل وأمه وأبيه وزوجتيه: عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل، اتخذت منطقاً لتعفي أثرها على سارة، ثُمَّ جاء بها إبراهيم، وبابنها إسماعيل، وهي ترضعه، حتى وضعها عند البيت، عند دوحة فوق زمزم، في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذٍ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جراباً (1) فيه تمر، وسقاء، فيه ماء، ثُمَّ قفى (2) إبراهيم منطلقاً، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم! أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء، فقالت له ذلك مراراً، وجعل لايلتفت إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا، قال: نعم. قالت: إذن لايضيعنا. وفي الرواية الأخرى: قالت: رضيت بالله.
ثُمَّ رجعت فانطلق إبراهيم، حتى إذا كان عند الثنية، حيث لايرونه، استقبل بوجه البيت، ثُمَّ دعا بهؤلاء الكلمات، ورفع يديه، فقال: {رَبَّنَآ إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} حتى بلغ {يَشْكُرُونَ} (3) ، وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت، وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى، أو قال: يتلبط (4) .
فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثُمَّ استقبلت الوادي، تنظر هل ترى أحداً، فلم تر أحداً، فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثُمَّ سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثُمَّ أتت المروة، فقامت عليها، ونظرت هل ترى أحداً، فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات.