ففي هذا الحديث: بيان لحاجة العبد إلى فعل ما ينفعه في معاشه، ومعاده، وعلم ما فيه مصلحته، وتيسير الله له ما قدره له من الخير، فهو القادر - سبحانه وتعالى - على كل شيء، والعبد عاجز إن لم ييسر الله له ما فيه مصلحته، ولذلك أرشده النبي - (- إلى طلب فضله - سبحانه - وتيسيره، ثُمَّ إذا اختاره له بعلمه، وأعانه عليه بقدرته، ويسره له من فضله، فهو يحتاج إلى البقاء عليه، وثبوت هذا الفضل، ونموه، ثُمَّ إذا فعل ذلك كله فهو محتاج إلى أن يرضيه، فإنه قد يهيء له ما يكرهه فيظل ساخطاً والخيرة فيه.

3 - ومنها: ما أخرج مسلم عن أنس أن رسول الله - (- قال: (ولد لي الليلة غلام فسميته بأبي إبراهيم)) ، ثُمَّ دفعه إلى أم سيف، امرأة قين يقال له: أبو سيف، فانطلق يأتيه واتبعته. فانتهينا إلى أبي سيف، وهو ينفخ بكيره قد امتلأ البيت دخاناً، فأسرعت المشي بين يدي رسول الله - (- فقلت: يا أبا سيف، أمسك، جاء رسول الله - (- فأمسك، فدعا النبي - (- بالصبي فضمه إليه، وقال: ماشاء الله أن يقول. قال أنس: لقد رأيته وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله - (- فدمعت عينا رسول الله - (- فقال: {تدمع العين، ويحزن القلب، ولانقول إلاَّ مايرضي ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون} (1) .

4 - ومنها: ما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: كنت خلف النبي - (- يوماً فقال: ((يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلاَّ بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك، لم يضروك إلاَّ بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف} (2) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015