والرضا - وإن كان من أعمال القلوب - فله حقيقة تترجمه إلى واقع ملموس، ومشاهد، ويتفاوت الناس عند الله - تعالى - في هذه الأعمال، فما هي حقيقة الرضا؟ .

لقد تحدث الكثير عن حقيقة الرضا، وأمسك البعض وظن أن حقيقة الرضا لاتعرف، ولاتعلم (1) ، وبالغ آخرون، فجعلوا الرضا من جملة الأحوال التي ليست بمكتسبة بل هو موهبة محضة (2) ، وبعضهم جعله الانطراح والتسليم لما يجريه الله دون العمل، حتى يقول: {الرضا أن لاتسأل الله الجَنَّة ولاتستعيذ به من النَّار} (3) .

وإليك أقوال الناس عن حقيقة الرضا:

قيل: حقيقة الرضا من رضي الله في كل شيء فقد بلغ حد الرضا (4) .

وقيل: عدم الحرص على الازدياد، فهذا غنى النفس، الذي هو الناشيء عن الرضا بقضاء الله - تعالى - والتسليم لأمره؛ وأنَّ ما عنده خير وأبقى، فيعرض صاحبه عن الحرص والطلب، كما قال القائل:

غنى النفس ما يكفيك من سد حاجة فإن زاد شيئاً عاد ذاك الغنى فقراً (5)

وقال سفيان الثوري: {لايكون غنياً أبداً حتى يرضى بما قسم الله له؛ فذلك الغنى} (6) .

وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: {ما أبالي إذا رجعت إلى أهلي على أي حال أراهم، أبسراء أم بضراء، وما أصبحت على حال فتمنيت أني على سواها} (7) .

وقيل للفضيل بن عياض: من الراضي عن الله؟ قال: الذي لايحب أن يكون على غير منزلته التي جعل فيها (8) .

وقيل عن الرضا: من لم يتكلم بغير الرضا فهو راض (9) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015