قال تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} (?) ، سبقت الإشارة إلى هذه الآية في المبحث السابق، والمعنى الآخر في {َفَصْلَ الْخِطَابِ} أن الله آتى داود عليه السلام بلاغة القول، فكان كلامه فصلاً يعبر عن المعنى بأوضح عبارة، لا يأخذه في ذلك حصر ولا ضعف، ولا يحتاج سامعه إلى زيادة تبيان، وهذا القول هو الذي يعطيه لفظ الآية، ويدخل فيه من قال إنه علم القضاء، فكلامه عليه السلام في القضايا والخصومات والمحاورة والمخاطبة والمشورات كله من فصل الخطاب، واختار هذا القول جماعة من المحققين (?) .
وتلكم البلاغة التي أوتيها عليه السلام كانت على اللغة العبرية، ويدخل فيها الزبور ((المسمى عند اليهود بالمزامير فهو مَثَلٌ في بلاغة القول في لغتهم)) (?) .
وروى ابن جرير بإسناد صحيح عن الشَّعبي أن فصل الخطاب قوله: ((أما بعد)) (?) ، وينبغي أن يحمل ذلك على أنه قالها بلسانه بمعناها في اللغة العبرية (?) ، وذلك داخل في القول المذكور آنفاً، فمن فصل الخطاب قوله: ((أما بعد)) (?) .