وهذا التوجه لدى أولئك المستعمرين أبقى على وجود الشخصية المسلمة في صقلية فترة تقرب من قرن ونصف بعد سقوطها من أيدي المسلمين. استغله أولئك القوم من الحكام الجدد في احتضان العباقرة من المسلمين وتمكينهم من التأليف، والترجمة حتى غدت صقلية مركزاً من مراكز العلم والترجمة في العصور الوسطى، وفيها بدأت نواة المدارس والجامعات التخصصية بتأثير مباشر من العلماء المسلمين ومؤلفاتهم المترجمة.
واليوم لقد أصبحت جزيرة صقلية جزيرة منسية كما هو الحال للكثير من البلدان الإسلامية التي كان للمسلمين فيها الكلمة الفصل، ولم يعدنا بوسعنا إلا أن نقول: إن المسلمين كانوا هناك، والله غالب على أمره.
الحواشي والتعليقات
كان ذلك البحث عبارة عن رسالة دكتوراه نوقشت بجامعة أم القرى عام 1414هـ، وطبعتها الجامعة على نفقتها.
الدمشقي، نخبة الدهر وعجائب البر والبحر، ص 140.
انظر: الموسوعة العربية الميسرة، ص 1126.
ابن حوقل، صورة الأرض، ج2، ص 113. الإدريسي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، ج2 ص 590-595.
حامد زيدان، تاريخ الحضارة الإسلامية في صقلية، ص 11-12.
الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج4، ص 288.
البلاذري، فتوح البلدان، ص 329.
لمزيد من التفصيل انظر: علي محمد الزهراني، الحياة العلمية في صقلية الإسلامية، ص 37 وما بعدها.
زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب بن سالم بن عقال، تولى بعد أخيه عبد الله وكان من أفضل أهل بيته وأفصحهم لساناً، وأكثرهم بياناً، وكان يقول الشعر، ولا يعلم أحدٌ قبله سمي زيادة الله، توفي سنة 223هـ / 838م
ابن الآبار، الحلة السيراء، ج1، ص 163.
أبو عبد الله أسد بن الفرات الحراني، المغربي، الإمام، القاضي، روى عن مالك بن أنس كتابه الموطأ. ألف الأسديه في الفقه المالكي، توفي محاصراً لمدينة سرقوسه من جزيرة صقلية سنة 213هـ / 828م. ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج3، ص 182.