واستمر جهاد الأغالبة وحكمهم في صقلية إلى سنة (296هـ / 908م) ، حيث تمكن الفاطميون بواسطة داعيتهم أبي عبد الله الشيعي (12) من هزيمة آخر أمراء الدولة الأغلبية زيادة الله الثالث (13) ، ودخول عاصمتهم مدينة " رقاده " (14) ، حيث أصبحت صقلية تحت السيطرة الفاطمية، إلا أنهم منحوا الولاة الكلبين (15) حكم صقلية بداية من سنة (336هـ / 947م) ، حيث توارث الكلبيون الحكم بها خلفاً عن سلف (16) ، إلى أن بدأت فترة الفوضى واستقلال كل والٍ بما لديه، وبالتالي التمهيد لسقوطها في أيدي النورمان، سنة 444هـ وذلك عندما احتدم الخلاف بين حكام صقلية من الأسرة الكلبية، واستغلالهم للصراع العنصري الموجود بين سكان الجزيرة، فهذا جعفر بن يوسف حاكم صقلية (388-410هـ / 988-1109م) يختلف مع أخيه علي بن يوسف. فيستغل الأخير الصراع العنصري الموجود في الجزيرة لمصلحته، ويستميل العبيد، والبربر (17) إلى جانبه، مما اضطر معه الأمير تاج الدولة جعفر إلى مقاتلتهم، فقتل منهم خلقاً كثيراً، وأسر أخاه علي ثم قتله، بل تعدى الأمر ذلك فأمر بنفي البربر من الجزيرة وقتل العبيد (18) .
أما حاكم صقلية أحمد بن يوسف المعروف " بتأييد الدولة " (410-427هـ / 1109 – 1035م) فقد اتبع سياسة التفرقة بين أهل صقلية، وأهل أفريقية، حيث درج على تأليب أحد الفريقين على الآخر والعكس (19) ، ظناً منه أن ذلك يمكنه من السيطرة عليهم، فكان العكس هو النتيجة.
ذلك أن تلك السياسة جعلت أهل الجزيرة يستنجدون بالمعز بن باديس الزيري (20) (406-453هـ / 1015-1061م) مما آل إليه حالهم مع حكامهم من الأسرة الكلبية، قائلين له: (نحب أن نكون في طاعتك وإلا سلمنا الجزيرة للروم) (21) .