هذا خلاصة ما وقفت عليه مما صح ومما اعتمده كبار الأئمة، فأما غير هذا فلا ينبغي الاجتراء عليه (?) والله أعلم.
وفيما أخبر الله به عن نبيه داود عليه السلام من إيتائه إصابة القضاء تنويه صريح بما أنعم الله عليه من هذا العلم، ومن ثَمَّ صدّقه بما ساقه جل وعز من نبأ الخصم، فلقد أبان عما كان يتمتع به عليه السلام من حلم على الخصوم بعد ما تسوّروا المحراب، وقالوا له لا تُجر في الحكم، كما أفصح ذلكم النبأ عن مظهر من مظاهر العدل في قضاء داود عليه السلام، فقد حكم بينهما بالعدل، ثم حذرهما من الظلم منتهزاً فرص الهداية لئلا يفوت وعظ النفوس وتوجيهها وهي متهيئة للاستجابة فحثهما على أن يكونا من الصالحين، مع ما تضمنه ذلك من تسلية للمظلوم (?) .
أما ما قاله بعض الناس إن داود عليه السلام حكم في القضية قبل أن يستمع حجة الخصم الآخر، وأن هذه كانت خطيئته فإنه قول ضعيف لا يعوّل عليه، وذلك مما لا يجوز عند أحد ولا في ملة من الملل، فكيف بمن امتدحه الله بإصابة القضاء؟! (?) .