وأكد فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين – حفظه الله – على أهمية العلم والبصيرة للداعية إلى الله الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر فقال: (وإن أول زاد يتزود به الداعية إلى الله عز وجل أن يكون على علم مستمد من كتاب الله وسنة رسوله (الصحيحة المقبولة، وأما الدعوة بدون علم فإنها دعوة على جهل، والدعوة على جهل ضررها أكبر من نفعها، لأن الداعية قد نصب نفسه موجهاً ومرشداً، فإذا كان جاهلاً، فإنه يكون ضالاً مضلاً، والعياذ بالله.
ثم قال: تأمل أيها الداعية إلى لله قول الله تعالى {عَلَى بَصِيْرَةٍ} أي على بصيرة في ثلاثة أمور:
1-على بصيرة فيما يدعو إليه بأن يكون عالماً بالحكم الشرعي فيما يدعو إليه، لأنه قد يدعو إلى شىء يظنه واجباً وهو في شرع الله غير واجب، فيلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به، وقد يدعو إلى ترك شىء يظنه محرماً وهو في دين الله غير محرم،فيحرم على عباد الله ما أحل الله لهم.
2- على بصيرة من حالة المدعو، ولهذا لما بعث النبي (معاذاً إلى اليمن قال له: ((إنك ستأتي قوماً أهل كتاب..الحديث (1) .
3- على بصيرة في كيفية الدعوة قال تعالى: {اُدْعُ إِلَى سَبِيْلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةٍ وَالموعِظَةِ الحَسَنةٍ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ} (2) .
... وإذا كان تزود الداعية بالعلم الصحيح المبني على كتاب الله وسنة رسوله (هو مدلول النصوص الشرعية، فإنه كذلك مدلول العقول الصريحة التي ليس فيها شبهات ولا شهوات، لأنك كيف تدعو إلى الله عز وجل وأنت لا تعلم الطريق الموصل إليه، وإذا كنت لا تعرف شريعته فكيف يصح أن تكون داعية؟
فإذا لم يكن الإنسان ذا علم فإن الأولى به أن يتعلم أولاً ثم يدعو ثانياً، قد يقول قائل: هل قولك هذا يعارض قول الرسول (( (بلغوا عني ولو آية)) (3) ؟