ومن هذا يتبين لنا أن كون الشيء معروفاً أو منكراً ليس من شأن الآمر والناهي، وإنما يعود ذلك إلى ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله (، على فهم السلف الصالح لهذه الأمة من اعتقاد أو قول أو فعل.
القاعدة الثانية: العلم والبصيرة بحقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
من القواعد العامة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أن يكون الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر عالماً بما يأمر به وبما ينهى عنه،.. يعلم ما هو المنهي عنه شرعاً حتى ينهى عنه، ويعلم ما هو المأمور به شرعاً حتى يأمر الناس به، فإنه إن أمر ونهى بغير علم فإن ضرره يكون أكثر من نفعه، لأنه قد يأمر بما ليس بمشروع، وينهى عما كان مشروعاً وقد يحلل الحرام ويحرم الحلال وهو لا يدري.. (1)
ولأهمية العلم النافع أمر الله به، وأوجبه قبل القول والعمل، فقال تعالى: {فَاْعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلمُؤْمِنِينَ وَالمؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُم} (2) .
وقد بوب الإمام البخاري – رحمه الله – لهذه الآية بقوله: (باب العلم قبل القول والعمل) (3) .
وذلك أن الله أمر نبيه بأمرين: بالعلم، ثم بالعمل، والمبدوء به العلم في قوله تعالى: {فَاْعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ} ، ثم أعقبه بالعمل في قوله: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} ، فدل ذلك على أن مرتبة العلم مقدمة على مرتبة العمل، وأن العمل شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به، فهو مقدم عليهما، لأنه مصحح للنية المصححة للعمل (4) .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – عند حديثه عن شروط الأمر والنهي: