قلت: الحديث ضعيف. فيه إسماعيل بن عياش. وهو مدلس. ولم يصرح بالسماع، ومدار هذا الحديث على راشد بن داود، قال ابن معين: ((ليس به بأس، ثقة)) ، وقال دحيم: ((هو ثقة عندي)) ، بينما ضعَّفه الإمام البخاري - رحمه الله - فقال: ((فيه نظر)) ، وهذا جرح شديد عنده، بمعنى أنه متهم أو غير ثقة. كما أشار إلى ذلك الحافظ الذهبي (30) ، وقال الدارقطني: ((ضعيف لا يعتبر به)) ، فاتفق مع البخاري في تضعيفه، وهو الظاهر من حاله، فإن في الحكم بالجرح زيادة علم عن الحكم بالتعديل، فإذا صدر من إمام عالم متمكن غير متشدد كان مقبولاً من غير شك، هذا من جهة.
ومن ناحية أخرى، فلو فرضنا جدلاً صحة هذا الحديث فليس فيه دلالة على جواز الذكر الجماعي، فهو صريح الدلالة على أن ذلك كان للبيعة - أو لتجديد البيعة - وليس لمجرد الذكر، لاسيما وقد أمرهم النبي (برفع الأيدي، فهذا للمبايعة، ولا يشترط - بل ولا يستحب - في الذكر.
... ثانياً: الأحاديث الكثيرة الواردة في فضل مجالس الذكر، والتي منها:
1 - ما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (: ((يقول تعالى: أنا عند ظن عبدي بي. وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ... )) (31) الحديث. والشاهد في قوله: ((وإن ذكرني في ملأ)) فدل على جواز الذكر الجماعي (32) .
2 - ما جاء في صحيح مسلم عن معاوية أن رسول الله (خرج على حلقة من أصحابه فقال: ((ما أجلسكم؟)) قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومنَّ به علينا. فقال: ((الله ما أجلسكم إلا هذا؟)) قالوا: الله ما أجلسنا إلا ذلك. فقال: ((أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة)) (33) .