وهذه الأصول الكلية هي التي ميزت عقيدة أهل السنة عن عقائد خصومهم، فضمنت لهم بحمد الله صحة المعتقد وسلامة المنهج. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت، وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم)) (1) .
وما ضل من ضل في هذا الباب وغيره إلا بتركه لتلك الأصول الكلية التي يجب الرجوع إليها في جميع مسائل الدين كبيرها وصغيرها، فالسعيد من لزم السنة وتمسك بكتاب الله وسنة نبيه محمد (وفهم السلف الصالح.
قال الإمام أحمد: ((اعلم رحمك الله أن الخصومة في الدين ليست من طريق أهل السنة، وأن تأويل من تأول القرآن بلا سنة تدل على معنى ما أراد الله منه، أو أُثر عن أصحاب رسول الله (، ويعرف ذلك بما جاء عن النبي (أو عن أصحابه فهم شاهدوا النبي (، وشهدوا تنزيله، وما قصه الله له في القرآن، وما عنى به، وما أراد به أَخاص هو أم هو عام.
فأما من تأوله على ظاهره بلا دلالة من رسول الله (ولا أحد من الصحابة، فهذا تأويل أهل البدع؛ لأن الآية قد تكون خاصة ويكون حكمها حكماً عاماً، ويكون ظاهرها على العموم، وإنما قصدت لشيء بعينه، ورسول الله (هو المعبر عن كتاب الله وما أراد، وأصحابه أعلم بذلك منا، لمشاهدتهم الأمر وما أريد بذلك)) (2) .
فهذه العبارة وما حوته من قواعد رسمت منهج أهل السنة والجماعة، ذلك المنهج الذي لم يتغير باختلاف المسائل ومرور العصور وتعدد الأجيال.
فالحمد لله الذي هدانا لهذا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الحواشي والتعليقات
وسطية أهل السنة بين الفرق ص 92-94، وكتاب لزوم الجماعة ص 276-277.
تفسير ابن كثير 1/390.