وأما الصفات التي في الحديث فمنهم من يثبتها ومنهم من لا يثبتها. (1) .
6- متأخرو الأشاعرة والماتريدية (من يقول بإثبات سبع صفات فقط أو ثمان ونفي ما عداها.)
وهذا قول المتأخرين من الأشاعرة والماتريدية الذين لم يثبتوا من الصفات إلا ما أثبته العقل فقط، وأما ما لا مجال للعقل فيه عندهم فتعرضوا له بالتأويل والتعطيل.
ولا يستدل هؤلاء بالسمع في إثبات الصفات، بل عارضوا مدلوله بما ادعوه من العقليات.
وهذا القول لمتأخري الأشاعرة إنما تلقوه عن المعتزلة، لما مالوا إلى نوع التجهم، بل الفلسفة، وفارقوا قول الأشعري وأئمة أصحابه، الذين لم يكونوا يقرون بمخالفة النقل للعقل، بل انتصبوا لإقامة أدلة عقلية توافق السمع، ولهذا أثبت الأشعري الصفات الخبرية بالسمع، وأثبت بالعقل الصفات العقلية التي تعلم بالعقل والسمع، فلم يثبت بالعقل ما جعله معارضاً للسمع بل ما جعله معاضداً له، وأثبت بالسمع ما عجز عنه العقل.
وهؤلاء خالفوه وخالفوا أئمة أصحابه في هذا وهذا، فلم يستدلوا بالسمع في إثبات الصفات، وعارضوا مدلوله بما ادعوه من العقليات (2) .
فالصفات الثبوتية عند متأخري الأشاعرة هي: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام (3) وزاد الباقلاني وإمام الحرمين الجويني صفة ثامنة هي الإدراك (4) .
والصفات الثبوتية عند الماتريدية (5) هي ثمان: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام والتكوين (6) وهم قد خصوا الإثبات بهذه الصفات دون غيرها، لأنها هي التي دل العقل عليها عندهم، وأما غيرها من الصفات فإنه لا دليل عليها من العقل عندهم، فلذا قالوا بنفيها (7) .
وهؤلاء لا يجعلون السمع طريقاً إلى إثبات الصفات ولهم فيما لم يثبتوه طريقان.
1- منهم من نفاه.
2- ومنهم من توقف فيه فلم يحكم فيه بإثبات ولا نفي ويقولون بأن العقل دلّ على ما أثبتناه ولم يدل على ما توقفنا فيه (8) .