فالكلابية ومن تبعهم ينفون صفات أفعاله (1) ، ويقولون: "لو قامت به لكان محلاً للحوادث. والحادث إن أوجب له كمالاً فقد عدمه قبله وهو نقص، وإن لم يوجب له كمالاً لم يجز وصفه به (2) .

ولتوضيح قولهم نقول: إن المضافات إلى الله سبحانه في الكتاب والسنة لا تخلو من ثلاثة أقسام:

أحدها: إضافة الصفة إلى الموصوف

كقوله تعالى: {ولا يحيطون بشيء مِن علمه} [البقرة 255] ، وقوله: {إن الله هو الرَّزَّاق ذو القوَّة} [الذاريات 58] ، فهذا القسم يثبته الكلابية ولا يخالفون فيه أهل السنة، وينكره المعتزلة.

والقسم الثاني: إضافة المخلوق إلى الله.

كقوله تعالى: {ناقة الله وسقياها} [الشمس 13] ، وقوله تعالى: {وطهر بيتي للطائفين} [الحج 26] ، وهذا القسم لا خلاف بين المسلمين في أنه مخلوق.

والقسم الثالث: -وهو محل الكلام هنا- ما فيه معنى الصفة والفعل.

كقوله تعالى: {وكلَّم الله موسى تكليما} [النساء 164] ، وقوله تعالى: {إن الله يحكم ما يريد} [المائدة 1] ، وقوله تعالى: {فَبَاءُوا بغضب على غضب} [البقرة 90] .

فهذا القسم الثالث لا يثبته الكلابية ومن وافقهم على زعم أن الحوادث لا تحل بذاته. فهو على هذا يلحق عندهم بأحد القسمين قبله فيكون:

1- إما قديماً قائماً به.

2- وإما مخلوقاً منفصلاً عنه.

ويمتنع عندهم أن يقوم به نعت أو حال أو فعل ليس بقديم ويسمون هذه المسألة: (مسألة حلول الحوادث بذاته) (3) وذلك مثل صفات الكلام، والرضا، والغضب، والفرح، والمجيء، والنزول والإتيان، وغيرها. وبالتالي هم يؤولون النصوص الواردة في ذلك على أحد الوجوه التالية:

1- إرجاعها إلى الصفات الذاتية واعتبارها منها، فيجعلون جميع تلك الصفات قديمة أزلية، ويقولون: نزوله، ومجيئه وإتيانه، وفرحه، وغضبه، ورضاه، ونحو ذلك: قديم أزلي (4) وهذه الصفات جميعها صفات ذاتية لله، وإنها قديمة أزلية لا تتعلق بمشيئته واختياره (5) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015