فالتوحيد عندهم يقتضي تجريده من كل صفات الكمال اللازمة له، فهو ليس له حياة ولا علم ولا قدرة ولا كلام، ولا غير ذلك من الصفات، ويقولون بدلاً من ذلك: ((إنه عاقل ومعقول وعقل، ولذيذ وملتذ ولذة، وعالم ومعلوم وعلم)) ، وجعلوا كل ذلك أموراً عدمية.
ودفعهم إلى ذلك زعمهم أن تعدد الصفات موجب للتركيب في حق الله، وفساد هذا القول جلي واضح، فالله وصف نفسه بالصفات، ووصفه بها رسوله ش وثبت ذلك في الكتاب والسنة نقلاً.
كما أن العقل يشهد بفساد قولهم، فإن تعدد الصفات لم تقل لغة ولا شرع ولا عقل سليم إنه يوجب تركيب الموصوف إلا عند الفلاسفة (1) .
ومن شنيع كلامهم كذلك زعمهم أن الله لا يعلم الجزئيات، فهو عندهم لا يعرف عين موسى، ولا عيسى، ولا محمدٍ عليهم الصلاة والسلام، فضلاً عن الوقائع التي قصها القرآن وغيرها من أمور المخلوقات. وفساد هذا القول واضح جلي في النقل والعقل. أما النقل فالله يقول {ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} [الأنعام 59] وكذا العقل أيضاً شاهد بفساد هذا المعتقد، فكيف يجهل الله أموراً سيرها بأمره وأجراها بقدره وأخبر عنها في كتابه.
ومن شنيع قولهم ما قالوه في قدرة الله من أنه فاعل بالطبع لا بالاختيار لأن الفاعل بالطبع يتحد فعله، والفاعل بالاختيار يتنوع فعله، وما دروا أنهم بهذا جعلوا الإنسان الفاعل بالاختيار أكمل من الله الفاعل بالطبع على حد زعمهم. وهذا القول مردود بقول الله {وربك يخلق ما يشاء ويختار} [القصص 28] ، ومردود بالعقل لأن الله هو أكمل الفاعلين فكيف يُشَبه فعله بفعل الجماد.
فهذا ما عند هؤلاء من خبر الإيمان بالله عز وجل.