فذلكما النبيان - الكريمان -وإن كانا دون درجة أولي العزم الخمسة لكنهما من جملة الأنبياء الذين امتدحهم الله في القرآن الكريم مدحاً عظيماً (?) ، ولا التفات لما رُميا به مما لا يليق بأفناء الناس فكيف بأنبياء الله؟! .
لقد امتزجت تلكم الهبات الربانية - النبوة والعلم والملك - فأفرزت بفضل الله شخصيتين مكتملتي المواهب سجلت في القرآن الكريم فحقت أخذ العبرة منها.
وفيما يلي ألقي الضوء على علمهما عليهما السلام وصلته بشخصيتهما الكريمتين:
القضاء:
قال تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} (?) ، الضمير فى {وَآتَيْنَاهُ} راجع إلى داود عليه السلام، وهو يدل على أن الذي أوتيه من الحكمة وفصل الخطاب من طريق الوحي، وسيأتي الحديث عن الحكمة في آخر البحث، وأما قوله تعالى: {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} فالفصل: ((تمييز الشيء من الشيء وإبانته عنه)) (?) ، ((والخَطب والمخاطبة والتخاطب المراجعة في الكلام)) (?) ، ومعنى الآية: إصابة القضاء، وهو قول ابن عباس (ت68 هـ) رضى الله عنهما ومجاهد (ت 104هـ) وغيرهما، ويدخل في ذلك من قال: إن معناه: تكليف المدّعى البينة، واليمين على من أنكر، وإنما كان فصل الخطاب قضاء لأن به يفصل بين الخصومة، والخصام نوع من الخطاب (?) ، وقال آخرون: معنى الآية فصاحة الكلام، وسيأتي هذا المعنى مفصلاً في المبحث التالي.