قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (فصلت/37) : تدل هذه الآية على أن السجود للخالق لا للمخلوق مهما عظم قَدْرُه ونفعه، بل السجود لمن أبدعه وسخره فالشمس والقمر من أحسن الأجرام المشاهدة في العالم وأعمها نفعا، ومع هذا لم يؤذن بالسجود لهما، فغيرهما من المخلوقات من باب أولى (1) .

وفي هذا الموضع آية سجدة بلا خلاف (2) .

وجمهور العلماء على أن معنى السجود على ظاهره، وهو السجود على الوجه، وحمل بعضهم الأمر في قوله تعالى: {وَاسْجُدُوا لِلَّه} في هذه السورة على صلاة كسوف الشمس والقمر لما يظهر فيهما من التغيير والنقص المنزه عنه الخالق المعبود سبحانه وتعالى (3) ، وينبغي أن يكون هذا استنباطا فقهيا وليس تفسيرا للآية. والله أعلم.

قوله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (النجم/62) : جرى أكثر المفسرين على أن السجود على ظاهره الشرعي واختلفوا في المراد منه، فمنهم من حمله على سجود التلاوة، ومنهم من حمله على سجود الصلاة (4) ، واختار الأول ابن تيمية (5) (ت728هـ) واختار الثاني الطبري (6) (ت310هـ) ، والأظهر أنه سجود تلاوة، حيث جاء قبله قوله تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) } ، وهو القرآن الكريم من غير خلاف، حيث يقتضي أن سماعه سبب الأمر بالسجود (7) ، ولأن النبي (قرأ سورة النجم فسجد فيها، وسجد من كان معه، وليس هو سجود الصلاة (8) ، ولهذا اعتبر هذا الموضع سجدة في قول أكثر أهل العلم (9) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015